يعني المعتصم: ادْنُه، ادْنُه، فلم يزل يدنيني حتى قربت منه، ثم قال لي: اجلس فجلست، وقد أثقلتنى الأقياد، فمكثت قليلاً، ثم قلت: أتأذن لي في الكلام؟ فقال: تكلم، فقلت: إلى ما دعا الله ورسوله (?)؟ فسكت هنيهةً، ثم قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فقلت: فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قلت: إن جدك ابن عباسٍ يقول: "لما قدم وفد عبد القيس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه عن الإيمان؟ فقال: أتدرون ما الإيمان؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تعطوا الخمس من المغنم (?) "، قال: أبي قال، يعني المعتصم: لولا أني وجدتك في يد من كان قبلي ما عرضت لك.

ثم قال: يا عبد الرحمن بن إسحاق، ألم آمرك برفع المحنة؟! فقلت: الله أكبر، إن في هذا لفرجًا للمسلمين، ثم قال لهم: ناظروه، وكلموه، يا عبد الرحمن كلمه، فقال لي عبد الرحمن: ما تقول في القرآن؟ قلت له: ما تقول في علم الله؟ فسكت، فقال لي بعضهم: أليس قال الله تعالى {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} والقرآن أليس هو شيء؟ فقلت: قال الله تعالى {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} فدمرت إلا ما أراد الله؟ فقال بعضهم {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} أفيكون محدثٌ إلا مخلوقًا؟ فقلت: قال الله: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} فالذكر هو القرآن، ويلك! ليس فيها ألف ولام.

وذكر بعضهم حديث عمران بن حصين أن الله عز وجل خلق الذكر فقلت: هذا خطأ، حدثنا غير واحد "إن الله كتب الذكر". واحتجوا بحديث ابن مسعود "ما خلق الله من جنة ولا نار ولا سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي" فقلت: إنما وقع الخلق على الجنة والنار والسماء والأرض، ولم يقع على القرآن، فقال بعضهم: حديث حبَّاب "يا هنتاه، تقرب إلى الله بما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015