34 - عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الضَّبِّيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، قَالَ: أَقْبَلْتُ مِنَ الْجَزَيرَةِ حَاجًّا، فَمَرَرْتُ بِسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، وَهُمَا شَيْخَانِ بِالْعُذَيْبَةِ، فَسَمِعَانِي أَقُولُ: " لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: هَذَا الشَّخْصُ أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِهِ، وَقَالَ الْآخَرُ: هَذَا أَضَلُّ مِنْ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَمَضَيْتُ حَتَّى إِذَا قَضَيْتُ نُسُكِي مَرَرْتُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُ: كُنْتُ رَجُلًا بَعِيدَ الشُّقَّةِ، قَاصِيَ الدَّارِ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذا الْوَجْهِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَجْمَعَ عُمْرَةً إِلَى حَجَّةً، فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا جَمِيعًا، وَلَمْ أَنْسَ، فَمَرَرْتُ بِسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، فَسَمِعَانِي أَقُولُ: لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ مَعًا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: هَذَا أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِهِ، وَقَالَ الْآخَرُ: هَذَا أَضَلُّ كَذَا وَكَذَا، قَالَ عُمَرُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: مَضَيْتُ، فَطُفْتُ طَوَافًا لِعُمْرَتِي، وَسَعَيْتُ سَعْيًا لِعُمْرَتِي، فَصَنَعْتُ، ثُمَّ عُدْتُ، فَفَعَلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ بَقِيتُ حَرَامًا أَصْنَعُ كَمَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ، حَتَّى إِذَا قَضَيْتُ آخِرَ نُسُكِي.
قَالَ عُمَرُ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الضَّبِّيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، قَالَ: كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْنَصْرَانِيَّةِ، فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ أُرِيدُ الْحَجَّ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَهَلَّ سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ، وَأَهَلَّ الضَّبِّيُّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ تَمَتَّعْتَ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُتْعَةِ، فَقَالَا لَهُ: وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِكَ، قَالَ: نَقْدُمُ عَلَى عُمَرَ وَتَقْدُمُونَ، فَلَمَّا قَدِمَ الضَّبِّيُّ مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِعُمْرَتِهِ، ثُمَّ رَجَعَ حَرَامًا لَمْ يَحْلُلْ مِنْ شَيْءٍ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِحَجِّهِ، ثُمَّ أَقَامَ حَرَامًا لَمْ يَحْلُلْ مِنْهُ حَتَّى أَتَى عَرَفَاتٍ، وَفَرَغَ مِنْ حَجَّتِهِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ حَلَّ فَأَهْرَقَ دَمًا لِمُتْعَتِهِ، فَلَمَّا صَدَرُوا مِنْ حَجِّهِمْ مَرُّوا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الْمُتْعَةِ، وَإِنَّ الضَّبِّيَّ بْنَ مَعْبَدٍ قَدْ تَمَتَّعَ، قَالَ: صَنَعْتَ مَاذَا يَا ضَبِّيُّ؟ قَالَ: أَهْلَلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ طُفْتُ بِالْبَيْتِ وَطُفْتُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِعُمْرَتِي، ثُمَّ رَجَعْتُ حَرَامًا لَمْ أَحْلُلْ مِنْ شَيْءٍ، ثُمَّ طُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِحَجَّتِي، ثُمَّ أَقَمْتُ حَرَامًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ، فَأَهْرَقْتُ دَمًا لِمُتْعَتِي، ثُمَّ أَحْلَلْتُ، قَالَ: فَضَرَبَ عُمَرُ عَلَى ظَهْرِهِ، وَقَالَ: «هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» .
وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الضَّبِّيِّ، قَالَ: خَرَجَ هُوَ وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ يُرِيدُونَ الْحَجَّ، قَالَ: فَأَمَّا الضَّبِّيُّ فَقَرَنَ الْحَجَّةَ وَالْعُمْرَةَ جَمِيعًا، وَأَمَّا سَلْمَانُ وَزَيْدٌ فَأَفْرَدُوا الْحَجَّ، ثُمَّ أَقْبَلَا عَلَى الضَّبِّيِّ يَلُومَانِهُ فِيمَا صَنَعَ، ثُمَّ قَالَا لَهُ: أَنْتَ أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِكَ، تَقْرِنُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَقَدْ نَهَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، قَالَ: تَقْدُمُونَ عَلَى عُمَرَ وَأَقْدُمُ، فَمَضَوْا حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ لِعُمْرَتِهِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوةِ لِعُمْرَتِهِ، ثُمَّ عَادَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ لِحَجَّتِهِ، ثُمَّ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَقَامَ كَمَا هُوَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ شَيْءٌ حَرَامٌ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ ذَبَحَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةً، فَلَمَّا قَضَوْا نُسُكَهُمْ مَرُّوا بِالْمَدِينَةِ، فَدَخَلُوا عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ وَزَيْدٌ: إِنَّ الضَّبِّيَّ قَرَنَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، قَالَ: ثُمَّ صَنَعْتَ مَاذَا؟ قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ طُفْتُ طَوَافًا لِعُمْرَتِي، ثُمَّ سَعَيْتُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِعُمْرَتِي، ثُمَّ عُدْتُ فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ لِحَجَّتِي، ثُمَّ سَعَيْتُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِحَجَّتِي، قَالَ: ثُمَّ صَنَعْتَ مَاذَا؟ قَالَ: أَقَمْتُ حَرَامًا لَمْ يَحِلَّ لِي شَيْءٌ حُرِّمَ عَلَيَّ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ ذَبَحْتُ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةً، قَالَ: فَضَرَبَ عُمَرُ عَلَى كَتِفِهِ، ثُمَّ قَالَ: «هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»