7405 - ز حدثني أحمد بن هاشم الأنطاكي أبو بكر الأشل (?)، قال: حدثنا الحجاج بن أبي منيع -وهو الحجاج بن يوسف (?)، ويكنى يوسف

-[48]- أبا منيع (?) -سنةَ عشرين ومئتين، قال: حدثني جدي عبيد الله بن أبي زياد (?)، قال: "هذا [كتاب] (?) ما ذكر لنا محمد بن مسلم الزهريّ (?) (?) مما سألنا عنه من أوّل مخرج النبي -صلى الله عليه وسلم-

-[50]- فذكر صدرًا من الحديث، فكان أولُ مشهدٍ شهده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومَ بدر، ورئيس المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، فالتقوا ببدر يوم الجمعة، لسَبْع عَشْرةَ (?) ليلة خلت من رمضان، وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذ ثلاثمئة وبضعة عشر رجلًا، والمشركون بين الألف والتسعمئة، فكان ذلك يوم الفرقان؛ يوم فرق الله الحق والباطل، وكان أول قتيل قتل يومئذ من المسلمين مِهْجَع (?) مولى عمر بن الخطاب، ثم كانت غزوة بني النضير -وهم طائفة من اليهود- على رأس ستة أشهر من وقعة بدر، وكان منزلهم ونخلهم بناحية المدينة، فحاصرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من الأموال والأمتعة، إلا الحلقة وهو السلاح، فأجلاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قِبَل الشام، فأنزل الله -عز وجل- فيهم من أول سورة الحشر إلى قوله {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)} (?) ثم كانت وقعة أحد في شوال على رأس ستة أشهر من وقعة بني النضير، ورئيس المشركين يومئذ

-[51]- أبو سفيان (?) بن حرب، فلما نزل أبو سفيان بالمشركين أحدا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: إني رأيت الليلة أني في درع حَصِينة، وإني أولتها المدينة، فاجلسوا في صنعكم (?)، وقاتلوا من ورائه، وكانوا قد شكوا أزقة المدينة بالبنيان، فقال رجال من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكونوا شهدوا بدرا: يا رسول الله، اخرج بنا إليهم، فلم يزالوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى لبس لأْمَتَه (?)، فلما لبس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمته، فقال: أما إني أظن الصًرْعى مستكثر منكم ومنهم اليوم، إني رأيت في النوم بقرا مُنحَّرة، فأراني أقول: بقرٌ والله خير، فتقدم الذين كانوا يدعونه إلى الخروج، فقالوا: يا رسول الله، امكث، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنَّه لا ينبغي لنبي أن يلبس لأمته، ثم ينتهي حتى يأتي البأس (?)، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأصحابه حتى التقوا هم والمشركون

-[53]- بأحد، والمسلمون يومئذ قريب من أربعمئة (?)، والمشركون من ثلاثة

-[54]- آلاف، فاقتتلوا، قال الله: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} إلى قوله: {خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)} (?) وكان فيمن قتل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذ حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير من بني عبد الدار، وهو أول من جمَّع الجمعة للمسلمين بالمدينة قبل أن يقدمها، فذلك يوم نجم النفاق وسُمُّوا المنافقين، وهم الذين خذلوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين نهض إلى المشركين بأحد، وكانوا قريبا من ثلث أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمشوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى إذا بلغوا الجبَّانة (?)، وبرزوا من دور المدينة، انصرفوا إلى أهليهم ورأسهم يومئذ: عبد الله بن أبي، وكان عظيم أهل تلك البُحَيْرة (?) في الجاهلية، ثم كانت وقعة الأحزاب لسنتين، وذلك يومَ خندق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون الخندق بجبَّانة المدينة، ورئيس الكفار يومئذ أبو سفيان بن حرب، فحاصروا

-[55]- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بضع عشرة ليلة، فخلص إلى المسلمين الكرب والأزل (?) حتى قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -كما أخبرني سعيد بن المسيب: اللهم إنِّي أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إنِّك إن تشأ لا تعبد! وأرسلت بنو قريظة إلى أبي سفيان ومن معه من الأحزاب أن اثبتوا، فإنَّا سنغير على بيضة المسلمين من ورائهم، فسمع بذلك نعيم بن عمرو الأشجعي (?)، وهو موادع لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان نعيم رجلا لا يكتم الحديث، فأقبل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره، وبعث الله عليهم الريح حتى ما يكاد أحد منهم يهتدي لموضع رجله، فارتحلوا وولوا منهزمين، فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ} إلى {وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14)} (?) فلما ولّى الكفار طلبهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمن معه من المسلمين، حتى بلغوا جبلا يقال له حمراء الأسد (?).

-[56]- فأنزل الله عز وجل: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} إلى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27)} (?). فأنزل الله هذا في طلبهم، وسار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمن معه إلى بني قريظة، فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ، ثم كانت غزوة الحديبية (?)، وأهلَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذي الحُليفة بعمرة، ومن معه يومئذ بضع عشرة مئة من المسلمين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنا لم نأت لقتال أحد ولكنا جئنا لنطوف بالبيت، فمن صدّنا عنه قاتلناه، ورئيسهم يومئذ أبو سفيان بن حرب، فنحر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هديه وحلق رأسه، ثم انصرف إلى المدينة، على أن يُخلُّوا بينه وبين البيت عاما قابلا، فيطوف به ثلاث ليال، ونزل بخيبر، وأنزل الله عز وجل {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} (?) الآية، فغزاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفتحها، فقسم فيها لمن بايعه بالحديبية

-[57]- تحت الشجرة من غائب أو شاهد من أجل أن الله عز وجل كان وعدهم إياها وخمس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيبر، ثم قسم سائرها مغانم بين من شهدها من المسلمين، وغاب عنها من أهل الحديبية، ثم اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العام القابل في ذي القعدة في المدة آمنا، فخرج كفار قريش من مكة وخلوها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلّفوا حويطب بن عبد العزى (?)، وأمروه إذا طاف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالكعبة ثلاث ليال أن يأتيه فيسأله أن يرتحل، فأتى حويطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ثلاث ليال فكلمه في الرحيل، فارتحل قافلا إلى المدينة، ثم كانت غزوة الفتح؛ فتح مكة، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المدينة في رمضان، ومعه من المسلمين عشرة آلاف، وذلك على رأس ثماني سنين ونصف سنة من مَقْدمه المدينة، فسار بمن معه من المسلمين إلى مكة، فافتتح مكة لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان، وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خالد بن الوليد، فقاتل بمن معه صفوف قريش بأسفل مكة حتى هزمهم، ثم أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذ بالسلاح، فرفع عنهم، ودخلوا في الدين، وأنزل الله عز وجل: {إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (?)! ثم أخره. ثم خرج

-[58]- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمن معه من المسلمين وبمن أسلم يوم الفتح من قريش وبني كنانة، قِبَل حنين، وحنين واد قبل الطائف ذو مياه، به من المشركين يومئذ العَجُز (?) من هوازن معهم ثقيف، ورئيس المشركين يومئذ مالك بن عوف النصري (?)، فقتلوا بحنين (?)، فنصر الله عز وجل نبيه -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين، وكان يوما شديد البأس، فأنزل الله عز وجل! {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ في مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} (?)! الآية.

فسبى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذ ستة آلاف سبي من النساء والذراري، وأخذ من الإبل والشاة ما لا يدرى عدده، وخَمّس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السبي والأموال، ثم جاءه وفد هوازن مستأمنين، فقالوا: قد اجتحت نساءنا

-[59]- وذرارينا وأموالنا فارْدُد إلينا ذلك كلَّه، قال: لست رادًّا إليكم كلّه، فاختاروا إن شئتم النساء والذراري، كان شئتم الأموال، قالوا: فإنا نختار نساءنا وذرارينا، فرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهم نساءهم وذراريهم، وقسم النعم والشاء بين من معه من المسلمين بالجِعْرَانة (?)، ثم أهلّ منها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعمرة، وذلك في ذي القعدة، ثم قفل إلى المدينة، حتى إذا قدمها أمّر أبا بكر الصديق على الحج، ثم غزا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزوة تبوك وهو يريد الروم وكفار العرب بالشام، حتى إذا بلغ تبوك، أقام بها بضع عشرة ليلة، ولقيه بها وفد أذرح، ووفد أيلة، فصالحهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الجزية، ثم قفل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من تبوك ولم يجاوزها، فأنزل الله -عز وجل-: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} (?) الآية، {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} (?) وكانوا قد تخلفوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تلك الغزوة في بضعة وثمانين رجلا، فلما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صَدَقه أولئك الثلاثة (?) واعترفوا بذنبهم، وكذبوا سائرهم

-[60]- فحلفوا الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حبسهم إلا عذر، فقبل منهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكلهم في سرائرهم إلى الله تعالى، ولم يغز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزوة بعد، حتى توفاه الله -عز وجل-، وكانت وفاته -صلى الله عليه وسلم- في شهر ربيع الأول سنة عشر، ولم يغز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزوة قط يجلس فيها تحت لواء أو شَهَر فيها سيوفا، إلا ذكر في القرآن. ثم حج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع، وتمتع فيها بعمرة وساق الهدي معه، فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع قفل إلى المدينة، فلبث شهرين وبعض شهر، ثم شكا شكواه التي توفاه الله - عز وجل- فيه".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015