5016 - حدثنا محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي، وأحمد بن يوسف السلمي، قالا: حدثنا عبد الرزاق (?)، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن ابن عباس قال: "لم أزل حريصا أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- قال الله عز وجل: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (?) (?)، حتى حج عمر وحججت معه فلما كنا ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة، فتبرز ثم أتاني، فسكبت على يديه فتوضأ، فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان من أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- اللتان قال الله عز وجل {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (?)؟ فقال عمر: واعجبًا لك يا ابن عباس! قال الزهري: كره -والله- ما سأله، ولم
-[611]- يكتمه، ثم قال: هي حفصة وعائشة، قال: ثم أخذ يسوق الحديث.
فقال: كنا معشر قريش قومًا نغلب النساء. فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نسائهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم. قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي. قال: فغضبت يومًا على امرأتي فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت: وما تنكر أن راجعتك؟ فوالله إن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ليراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. قال: فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت: أتراجعين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: نعم. قلت: وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل؟ قالت: نعم. قلت: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر، أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت، لا تراجعي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا تسأليه شيئا وسليني ما بدا لك، ولا يغرنك إن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منك. يريد عائشة. قال: وكان لي جار من الأنصار، وكنا نتناوب النزول إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فينزل يومًا وأنزل يوما، فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وآتيه بمثل ذلك. قال: وكنا نتحدث أن غسان تُنعل (?) الخيل ليغزونا، فنزل صاحبي يوما ثم أتاني عشاءً فضرب بابي ثم ناداني فخرجت إليه، فقال: حدث أمر عظيم.
-[612]- قلت: ماذا؟ أجاءت غسان؟ فقال: بل أعظم من ذلك، طلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه! فقلت: قد خابت حفصة وخسرت، قد كنت أظن هذا كائنًا، حتى إذا صليت الصبح شددت عليّ ثيابي، ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي فقلت: أطلقكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: لا أدري، هو هذا معتزل في هذه المَشْرُبة. فأتيت غلاما له أسود فقلت: استأذن لعمر فدخل الغلام ثم خرج إليّ فقال: قد ذكرتك له فصمت، فانطلقت حتى أتيت المنبر، فإذا حوله رهط جلوس يبكي بعضهم فجلست قليلًا، ثم غلبني ما أجد، فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر، فدخل ثم خرج إلي فقال: قد ذكرتك له فصمت، فخرجت فجلست إلى المنبر، ثم غلبني ما أجد فأتيت -يعني الغلام- فقلت: استأذن لعمر، فدخل ثم خرج إلي فقال: قد ذكرت له فصمت قال: فركبت مدبرًا، فإذا الغلام يدعوني، فقال: ادخل فقد أذن لك، فدخلت فسلمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا هو متكئٌ على رمل حصير (?) قد أثر في جنبيه، فقلت: أطلقت يا رسول الله، نساءك؟ قال؟ فرفع رأسه إليّ، وقال: لا، فقلت: الله أكبر! لو رأيتنا يا رسول الله وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قومًا تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من
-[613]- نسائهم، فغضبت على امرأتي يومًا فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ما تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل، فقلت: خاب من فعل ذلك منهن وخسر، أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله، فإذا هي قد هلكت؟ فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا رسول الله قد دخلت على حفصة فقلت: لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتبسم أخرى، فقلت؟ أستانس يا رسول الله؟ فقال: نعم، فجلست فرفعت رأسي في البيت، فوالله ما رأيت فيه شيئًا يرد البصر إلا أهبة ثلاثة، فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يوسَّع على أمتك، فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله، ثم استوى جالسًا، ثم قال: أوفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا، فقلت: استغفر لي يا رسول الله، وكان أقسم لا يدخل عليهن شهرًا من شدة موجدته (?) عليهن حتى عاتبه الله عز وجل".
قال الزهري: فأخبرني عروة، عن عائشة قالت: "فلما مضى تسع وعشرون ليلة دخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: بدأ بي فقلت: يا رسول الله، إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرًا، وإنك قد دخلت
-[614]- من تسع وعشرين أَعُدُّهُنَّ. قال: إن الشهر تسع وعشرون، ثم قال: يا عائشة، إني ذاكر لك أمرًا ولا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك، قالت: ثم قرأ عليّ {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} -حتى بلغ- {أَجْرًا عَظِيمًا (29)} (?)، قالت عائشة: قد علم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه، فقلت: في أي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة".
رواه عبد الرزاق بهذا الإسناد، وقال في آخره قال معمر: "فأخبرني أيوب أن عائشة قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: لا تخبر أزواجك أني أخبرتك. فقال: إنما بعثني الله عز وجل مبلغًا، ولم يبعثني مُتعَنّتا" (?).