5007 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق أبو إسحاق البصري، قال: حدثنا عمر بن يونس اليمامي، قال: حدثنا عكرمة بن عمار، عن سماك أبي زُميل، قال: حدثني عبد الله بن عباس، قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: "لما اعتزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه دخلت المسجد، فإذا الناس ينكتون (?) بالحصباء (?) ويقولون: طلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه، وذلك قبل أن يؤمر

-[595]- بالحجاب. قال عمر: فقلت: لأعلمن ذاك اليوم، فدخلت على عائشة فقلت: يا بنت أبي بكر، لقد بلغ من شأنكن أن تؤذين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-!! قالت: ما لي ولك يا ابن الخطاب؟ عليك بعيبتك (?)، قال: فدخلت على حفصة بنت عمر، فقلت لها: يا حفصة لقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فوالله لقد عَلمْتِ أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يحبك، ولولا أنا لطلقك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبكت أشد بكاء، فقلت لها: أين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: هو في خزانته (?) في المَشْرُبَةِ (?) أو المسربة. فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاعد على أُسكفِّةِ (?) المشْرُبة، مدلي رجليه على نقير (?) من خشب -وهو جذع يرقى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وينحدر- فناديت، فقلت: يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إليّ فلم يقل شيئًا، فقلت: يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إليّ فلم يقل شيئًا، ثم رفعت صوتي فقلت: يا رباح،

-[596]- استأذن لي عندك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإني أَظن أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ظن أَنِّي جئت من أجل حفصة، والله لئن أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بضرب عنقها لأضربن عنقها، ورفعت صوتي، فأومأ إليّ بيده، فدخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مضطجع على حصير، فجلست فأَدْنَى عليه إزاره، وليس عليه غيره، فإذا الحصير قد أثر عليه في جنبيه. قال: ونظرت ببصري في خزانة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها قرظًا (?) في ناحية الغرفة، وإذا أفيقٌ (?) معلق، فابتدرت (?) عيناي فقال: ما يبكيك يا ابن الخطاب؟ فقلت: يا رسول الله، وما لي لا أبكى، وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى وذاك قيصر كسرى في الثمار والأنهار، وأنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصفوته، وهذه خزانتك. قال: يا ابن الخطاب، ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟ قلت: بلى. قال: ودخلت علية حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله، ما يشق عليك من شأن النساء؟ فإن كنت طلقتَهُنَّ فإنَّ الله عز وجل معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا، وأبو بكر، والمؤمنين معك وقَلّما

-[597]- تكلمتُ وحمدتُ الله بكلام إلا رجوت أن يكون الله عز وجل يصدق قولي الذي أقول، ونزلت هذه الآية آية التخيير {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} (?)، {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)} (?)، وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا رسول الله، أطلَّقْتَهُنَّ؟ قال: فقلت: يا رسول الله، إني دخلت المسجد والناس ينكتون بالحصى ويقولون: طلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه، أفأنزلُ فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال: نعم، إن شئت، ثم لم أزل أحدثه حتى حَسر (?) الغضب عن وجهه، وحتى كَشَر (?) يضحك. وكان من أحسن الناس ثغرا -صلى الله عليه وسلم-، ثم نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونزلت أتشبث بالجذع ونزل كأنما يمشي على الأرض ما يمس بيده. فقلت: يا رسول الله إنما لبثت في الغرفة تسعة وعشرين، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن الشهر قد يكون تسعة وعشرين. قال: فقمت على باب المسجد، فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق نساءه. قال: فنزلت هذه الآية فيّ {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ

-[598]- مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (?)، فكنت أنا استنبطت ذاك الأمرَ، فأنزل الله عز وجل آية التخيير" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015