8848 - حدثنا أبو جعفر بن الجنيد، والصاغاني، قالا: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، قال: حدثنا سليمان بن المغيرة (?)، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن المقداد بن الأسود، قال: أقبلت أنا وصاحبان لي قد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجَهْد (?)، قال: فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ليس أحد يقبلنا، فانطلقنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فانطلق بنا إلى أهله، فإذا ثلاث أعتر، فقال النبيّ -صلى الله (?) عليه وسلم- احتلبوا هذا اللبن بيننا، قال: فكنّا نحتلب، فيشرب كل إنسان نصيبه، ويرفع لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- نصيبه، قال: فيجيء من الليل فيسلم تسليمًا لا يوقظ نائما، ويسمع اليقظان، ثم يأتي المسجد، فيصلي، ثم يأتي شرابه (?) فيشربه، فأتاني
-[494]- الشيطان ذات ليلة، فقال: محمد يأتي الأنصار فيتحفونه ويصيب عندهم، ما به حاجة إلى هذه الجُرْعة (?) فاشربها، قال: ما زال يزين لي حتى شربتها، فلمَّا وَغَلت (?) في بطني، وعرفَ أنَّه له ليس إليها سبيل، قال: فندمني، فقال: ويحك ما صنعت شربت شراب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيجئ ولا يراه، فيدعو عليك فتذهب دنياك وآخرتك.
قال: وعلي شملة (?) من صوف كلمّا رفعت رأسي خرجت قدماي، وإذا أرسلت قدمي خرج رأسي، وجعل لا يجئ إليّ النوم، وأمّا صاحباي فناما، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسلم كان يسلم، ثم أتى المسجد فصلى، فأتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا، فرفع رأسه إلى السماء، قال: فقلت: الآن يدعو علي، فأهلك، فقال: "اللهم أطعم من أطعمني، وأسق من سقاني"، قال: فعمدت إلى الشملة فشددتها عليّ، وأخذت الشفرة (?) فانطلقت إلى الأعنز أجسّهنّ أيّهن أسمن فأذبح لرسول الله (?) -صلى الله عليه وسلم- فإذا
-[495]- هُنَّ حُفّل (?) كلهنّ، قال: فعمدت إلى إناء لآل محمد -صلى الله عليه وسلم- ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه، فحلبت فيه حتى علت الرغوة ثم جئت به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ما شربتم (?) شرابكم الليلة يا مقداد". فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب ثم ناولني، فقلت: يا رسول الله اشرب فشرب، ثم ناولني، فأخذت ما بقي فشربته، فلمَّا عرفت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد روى وأصابتني دعوته، ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إحدى سوآتك يا مقداد". قال قلت: يا رسول الله: كان من الأمر كذا، وصنعت كذا. فقال (?) رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما كانت هذه إلا رحمة من الله، أفلا كنت أذنتني فتوقظ صاحبيك هذين فيصيبان منها". قال: قلت: والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبتَها وأصبتُها معك من أصابها [من] (?) الناس (?) (?).