إذا تبيَّنَ هذا فنقولُ: والجوابُ عَنْ هذهِ الحُجّةِ التي هيَ أصلُ كلامِهم، وقَد حرَّرَها السّائلُ وطوَّلها آخِذًا لذلكَ مِنْ كلامِ ابنِ سِينا في الإشاراتِ وشرَحَها الرّازي وغيرُهُ، أنّا نبيِّنُ فسادَ ما ذكروهُ مِنْ كُلِّ قِسمٍ مِنَ الأقسامِ الأربعةِ مِنْ وجوهٍ، وإن كانَ بيانُ فسادِ قِسمٍ واحدٍ بوجهٍ واحدٍ كافيًا في إبطالِها؛ إذِ الحُجّةُ لا تتمُّ إلّا بإبطالِ جميعِ اللَّوازمِ المقدَّرة، فمتى أمكنَ صحّةُ لازمٍ منها بَطَلَ قولُهم إنْ تبيَّنَ لزومُهُ، ونحنُ نبيِّنُ فسادَ ما ذكروهُ مِنَ اللَّوازمِ ومِنَ الملزومِ حتَّى يظهرَ بُطلانُ كُلٍّ مِنَ المقدِّمتينِ الشَّرطيّةِ والاستثنائيّة، وذلكَ مِنْ وجوهٍ:
أحدها: أنْ يُقالَ لهُ: ما الدَّليلُ أوَّلًا على الانحصارِ في هذهِ الأقسامِ الأربعةِ؛ فإنَّ القِسمةَ العقليّةَ توجِبُ أنْ يقالَ إمّا أنْ يكونَ لازمًا أو ملزومًا أو عارضًا أو معروضًا أو لا لازمًا ولا ملزومًا ولا عارضًا ولا معروضًا، فإنَّ العقلَ يقدِّرُ هذا القسمَ، وليسَ لهُ أنْ يقولَ: إنَّ انتفاءَهُ معلومٌ بضرورةِ العقلِ؛ فإنَّ انتفاءَ هذا غيرُ معلومٍ للنّاسِ بضرورةِ عقلِهم، وإنْ كانَ انتفاؤُهُ معلومًا بنظرِ العقلِ فإنَّ عليهِ بيانَهُ حتَّى يتمَّ الدَّليلُ.
فإنْ قالَ: كُلُّ أمرينِ اجتمَعا فلا بُدَّ فيهما مِنْ أحدِ هذهِ الأقسامِ الأربعة، كانَ الجوابُ عنْ هذا أنَّكَ إنْ عنيتَ الاجتماعَ في الخارجِ أو الاجتماعَ في