وأرسطو (?) وشِيعتِهما: بلِ الماهيّةُ النَّوعيّةُ لكُلِّ شخصٍ غيرُ وجودِهِ المعيَّنِ.
ثمَّ تنازَعوا: هل تستقل تلكَ الماهيّاتُ عَنِ الأشخاصِ الموجودة، فزعمَ أفلاطونُ أنَّها تستقل، وقالَ بأن الماهيّاتِ أزليّةٌ أبديّةٌ، وهذا الذي يُقالُ لهُ: المُثُلُ الأفلاطونيّةُ والمُثُلُ العقليّةُ، وقولُهُ بهذا يشبهُهُ قولُهُ بأنَّ المادّةَ توجَدُ مستقلةً عَنِ الصُّوَر، وأنَّ الخلاءَ والدَّهرَ جوهرانِ قائمانِ بأنفُسِهِما غيرُ الأجسامِ الموجودةِ وأعراضِها، فقَولُهُ في المادّةِ التي هيَ الهُيولى الأوليّةُ، وفي المدّةِ والخلاءِ والحقائقِ النَّوعيّةِ مِنْ وادٍ واحدٍ، وقد تفطَّنَ صاحبُهُ أرسطو وشِيعتُهُ أنَّ هذا الذي قالَهُ خيالٌ في نفسِهِ أنواعًا مطلَقةً ومادّةً مطلَقةً وخلاءً مطلَقًا، ومنه اعتقدَ ثبوتَ ذلكَ في الخارج، وأنَّهُ موجودٌ بدونِ وجودِ هذهِ الأجسامِ وصفاتِها، كما كانَ أُستاذُهم الأقدمُ فيثاغورسُ (?) يعتقدُ أنَّ الأعدادَ موجودةٌ في الخارج، ولهذا وجودٌ في الخارجِ غير الحقائقِ المعدودةِ. وابنُ سينا (?) وأمثالُهُ مِنَ العرَب، وإن كانَ قد سلكوا طريقَ أهلِ الرِّدّةِ في اتِّباعِ هؤلاءِ الضَّالِّينَ، لكنهم أحَذقُ منهم وأصحُّ عقلًا ونظرًا؛ فإنَّ معَهم في الجملةِ مِنْ نورِ إسلامٍ ما أبصَروا بهِ كثيرًا مِنْ ضلالِ هؤلاءِ؛