الوجوبِ المطلَقِ هوَ والماهيّةُ المطلَقةُ والواجبُ الوجودِ والتَّعيينُ المطلَقُ لواجبِ الوجودِ متلازماتٌ، وهذا الوجودُ المعيَّنُ وهذا الوجوبُ المعيَّنُ ملازمٌ لهذهِ الماهيّةِ الواجبةِ المعيَّنة، ولهذهِ الماهيّة الواجبةِ المعيَّنة، وتعينُ كُلٌّ منهُما متلازمٌ لذلكَ، بَلْ كُلُّ موجودٍ في الخارجِ بهذهِ المثابة، سواءٌ قُدِّرَ واجبًا بنفسِهِ أو بغيرِه، فهذا الإنسانُ المعيَّنُ لهُ إنسانيّةٌ تخصُّهُ، وحيوانيّةٌ تخصُّهُ، وحقيقةٌ تخصُّهُ، وماهيّةٌ تخصُّهُ، وتعيينٌ يخصُّهُ، وخصائصُهُ متلازمةٌ، وهوَ والإنسانُ الآخرُ مشتركانِ في الإنسانيّةِ والحيوانيّةِ والحقيقةِ والماهيّةِ والتَّعيين، وهذهِ المشترَكاتُ متلازمةٌ، وهذا أمرٌ بيِّنٌ ضروريٌّ لمنْ فهِمَهُ، ولا يَحتملُ النَّقيضَ.
وأمّا الكلامُ على المقدِّمةِ الثّانيةِ فإنَّهُ قالَ: يجوزُ أنْ تكونَ الماهيّةُ سببًا كما أنَّ الماهيّاتِ سببٌ لقابليّةِ الوجود، ويجوزُ أنْ تكونَ صفةُ الماهيّة سببًا لصفةٍ أُخرى، كما أنَّ الفصلَ عِلّةٌ للخاصّة، ولا يجوزُ أنْ تكونَ الماهيّةُ ولا صفةٌ مِنْ صِفاتِها سببًا للوجودِ؛ لأنَّ العِلّةَ متقدِّمةٌ بالوجودِ على المعلول (?)، فلو كانتْ إحداهُما أو كِلاهُما عِلّةً للوجودِ لزِمَ أحد المحالَين، وهوَ أنْ يكونَ الشَّيءُ متقدِّمًا بالوجودِ على نفسِهِ أو موجودًا مرَّتين، وهذا ظاهرُ البُطلانِ لهُ، هذا كلُّهُ مبنيٌّ على أنَّ الموجودَ المعيَّنَ كالإنسانِ مثلًا لهُ ماهيّةٌ مغايِرةٌ، وأنَّهُ إذا كانَ جوهرًا ففيهِ وجودُ جوهرٍ قائمٍ بنفسِه، وهوَ مغايِرٌ لماهيَّتِهِ الموجودةِ في الخارجِ القائمةِ بنفسِها، وإنْ كانَ عرضًا ففيهِ وجودٌ هوَ عرَضٌ قائمٌ بغيرِهِ وغير ماهيَّتِهِ القائمةِ بغيرِها، وهذهِ المسألةُ يُعبِّرونَ عنها بأنَّ وجودَ كلِّ موجودٍ