وقد كان في بر مصر كنائس قديمة, لكن تلك الكنائس أقرهم المسلمون عليها حين فتحوا البلاد؛ لأن الفلاحين كلهم كانوا نصارى, ولم يكونوا مسلمين, وإنما كان المسلمون الجندَ خاصة, فأقرهم كما أقر النبي صلى الله عليه وسلم اليهود على خيبر (?) لما فتحها؛ لأن اليهود كانوا فلاحين, وكان المسلمون مشتغلين بالجهاد. ثم إنه بعد هذا في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لما كثر المسلمون واستغنوا عن اليهود, أجلاهم أمير المؤمنين عن خيبر, كما أقر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" (?) ، حتى لم يبق في خيبر يهودي. وهكذا القرية التي يكون أهلها نصارى وليس عندهم مسلمون, ولا مسجدٌ للمسلمين, فإذا أقرهم المسلمون على كنائسهم التي فيها, جاز ذلك, كما فعله المسلمون.