ويؤيد هذا قول ابن عمر في الحديث نفسه: وكان - أي ابن أم مكتوم - رجلاً أعمى، لا ينادي حتى يقال: أصبحت أصبحت، أي: حتى يظهر النور لكل من يتوجه إلى المسجد، فيخبرون ابن أم مكتوم بطلوع الصبح لكي يؤذن, فأين هذا من أذان الناس اليوم؟ !
وقال صلى الله عليه وسلم: ((الفجر فجران: فجر يحرم فيه الطعام، وتحلُّ فيه الصلاة، وفجر تَحرمُ فيهِ الصلاة، ويحلُّ فيه الطعامُ)) (¬1).
ومن الجهل في بعض البلدان، أنهم يسمّون أذان الفجر الأول الذي يبيح الطعام ب ((أذان الإمساك))، ويحرمون على الناس الأكل بعده.
قال النووي -رحمه الله-: قال أصحابنا: والأحكام كلها معلقة بالفجر الثاني، فيه يدخل وقت صلاة الصبح, ويخرج وقت العشاء ويدخل في الصوم, ويحرم به الطعام والشراب على الصائم, وبه ينقضي الليل ويدخل النهار، ولا يتعلق بالفجر الأول ((الكاذب)) شيء من الأحكام بإجماع المسلمين)). [المجموع (3/ 44)]
وقال أبو عمر بن عبد البر: ((أجمع العلماء؛ على أن وقت صلاة الصبح طلوع الفجر الثاني إذا تبين طلوعه، وهو البياض المنتشر من أفق المشرق، والذي لا ظلمة بعده)). [الإجماع ص 46]
وقال ابن حزم: ((ولا يجزئ لها الأذان الذي كان قبل الفجر، لأنه أذان سحور، لا أذان للصلاة، ولا يجوز أن يؤذن لها قبل المقدار الذي ذكرناه)).
وروى بسنده عن الحسن البصري أن رجلاً قال: يا أبا سعيد، الرجل يؤذن قبل الفجر يوقظ الناس؟ فغضب وقال: علوج فراغ، لو أدركهم عمر بن الخطاب لأوجع جنوبهم! من أذن قبل الفجر فإنما صلى أهل ذلك المسجد بإقامة لا أذان فيه)) وفي رواية: ((أنه سمع مؤذناً أذن بليل فقال: ((علوج تباري الديوك، وهل كان الأذان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا بعد ما يطلع الفجر)).
وعن إبراهيم النخعي قال: سمع علقمة ابن قيس مؤذناً بليل فقال: لقد خالف هذا سنة من سنة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو نام على فراشه لكان خيراً له))، وفي