أن الإيمان وكذا الكفر، كل منهما خصالٌ وشعبٌ عديدة، ومراتب متعددة، فمن الإيمان شعب إذا زالت زال الإيمان كله كالصدق في الحديث والحياء. وكذلك الكفر منه شعب إذا وقعت وقع الكفر الأكبر كالاستهزاء والسب لله ولدينه ولرسوله، ومنه شعب إذا وقعت لم يقع الكفر الأكبر المخرج عن الملة، كسب المسلم وقتاله والنياحة وغير ذلك، وإنما يكون مقترفها واقعاً في الكفر الأصغر، وهو الكفر العملي، وهو لا يخرج من الملة (?) .
* * *
وهي الأقوال التي خالفت قول عامة أهل الحديث، أهل السنة والجماعة، إذ التفصيل ليس هذا مقامه، ولا لمثلي بيانه. لأنه يعتمد على عرض شبه كلٍ على حده، وتناولها بالبيان والجواب، وقد أفلح فيه الشيخ ابن تيمية في كتابيه الإيمان الكبير والأوسط، بما أظنه لو تأمله مريد الحق بعمدته لاكتفى به!
ونقد الأقوال إجمالاً يسلمني من مناهج المتكلمين في عرضهم المجرد لمقالات الطوائف دون تعقيب أو توضيح للصواب من ضده.
فأما قول الوعيدية: فقد خالف إجماع الصحابة، وخالف النصوص في الوحيين الشريفين؛ التي دلت على نفع الشفاعة لأصحاب الكبائر وإخراج الموحدين من النار، وعدم خلودهم فيها.
أ- من نحو قوله صلى الله عليه وسلم: ((شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)) رواه الإمام أحمد وبعض أهل السنن عن أنس وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم.