هذا، ويعد تاريخ أبي الفداء الشهير «المختصر في أخبار البشر» «1» المصدر الرئيس لكتابنا حيث واصل فيه المؤلف النقل عن التاريخ المذكور من سنة 541 هـ/ 1146 م «2» حتى سنة 692 هـ 1293/م، ولولا بعض الإجراءات الشكلية التي أدخلها العمري على التاريخ المذكور من مثل: تناوله تاريخ كل عشر سنوات على حدة (اعتماد نظام العقود) ، وعبارة واحدة (فقط) تعود إليه وتدل عليه «3» ، وحذف بعض الحوادث والتراجم وخصوصا تراجم الفقهاء والعلماء والأدباء، وزيادة في بعض الأشعار والمكاتبات الخاصة بمناسبات معينة «4» ...
أقول: لولا ذلك لظن أن الكتاب إنما هو نسخة أخرى من نسخ «المختصر» ، وأن نسبته إلى العمري إنما تمت عن طريق الخطأ، فقد ظل الكتاب- بالرغم مما تقدم- يحتفظ بجميع الوشائج والصلات التي تشده إلى «المختصر» إن على صعيد العبارة الواحدة المشتركة بين الاثنين، وهي عبارة أبي الفداء أولا وأخيرا، أو على صعيد المواقع التي ظل أبو الفداء يحتفظ بها لنفسه داخل السياق وتنطق بحضوره الشخصي فيها، من مثل:
- قوله بعد الفراغ من ترجمة نور الدين محمود بن زنكي: «ولا يحتمل هذا المختصر ذكر فضائله» «5» .
- وقوله في الاختلاف الواقع في نسب أبي دبوس آخر ملوك بني عبد المؤمن:
«فإني وجدت في بعض الكتب المؤلفة في هذا الفن أن أبا دبوس هو ابن إدريس