القراءة والكتابة، ولا يدع بدهلى سائلا يستعطى الناس، بل كل من استعطى منع من هذا، وأجرى عليه ما يجرى على أمثاله من الفقراء.

فأما إحسانه إلى الغرباء، ومن يؤمله، فما يكاد يخرج عن حد التصديق.

حدثني الفاضل نظام الدين أبو الفضائل يحيى بن الحكيم الطياري قال: كان عندنا بالأردو [1] في خدمة السلطان أبي سعيد [2] ، رجل اسمه عضد بن قاضي يزد، يروم الوزارة، ولا يؤهل لها، ولا يعد من أكفائها، فلا يزال «1» يشغب على الوزراء، ويفتن بين أهل الأردو، فاتفق رأيهم على إبعاده، فبعثوه رسولا إلى دهلى برسالة مضمونها السلام والوداد والسؤال والافتقاد، وعملوا هذه صورة ظاهرة لإبعاده، وكان قصدهم أن لا يعود، فلما حصل «2» في دهلى، وحضر في «3» حضرة هذا السلطان، وأدى الرسالة له، أقبل عليه، وشرفه بالخلع والعطاء، وأحله من كنفه في محل الرحب والسعة، وأطلق له حملا من المال، ثم لما أراد الانصراف عائدا إلى مرسله، قال له: أدخل الخزانة، وخذ مما شئت، وكان هذا السيد عضد رجلا داهية، فلما دخل الخزانة لم يأخذ سوى مصحف واحد، فسمع السلطان بهذا، فأعجبه، وقال له لأي شيء ما أخذت إلا هذا المصحف؟ فقال: لأن السلطان قد أغناني بفضله، ولم أجد أشرف من كتاب الله، فازداد إعجابه بفعله وبكلامه، ووقع منه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015