هذا هو السّفر السّادس عشر من كتاب «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار» لابن فضل الله العمري، وقد اشتمل على (69) تسع وستين ترجمة لشعراء الجانب الشرقي، كما اصطلح عليهم، بدأهم بالشاعر حكّينا البغدادي، المتوفى سنة 528 هـ، وختمهم بمعاصره الشاعر عمر بن الوردي. أي أن هذا السّفر اشتمل على تراجم شعراء أواخر العصر العباسي.
وقد تفاوت الشعراء الذين عرض لهم العمري في سفره هذا. فمنهم المقدم المشهور المعروف منذ عصره إلى يومنا هذا بديوانه وسيرته، كأسامة بن منقذ، وسبط بن التعاويذي، وعمارة اليمني، وابن عنين، وفتيان الشاغوري، وصفي الدين الحلي، وعمر بن الوردي. ومنهم المغمور الذي لا يعرف شاعرا، لكن العمري درجه ضمن الشعراء كآل منقذ الذين ذكر كثيرا منهم، وهم وإن كان لهم شأن اجتماعي أو سياسي في زمنهم، إلا أنهم أبعد ما يكونون عن الشعر.
وقد كان كتاب «خريدة القصر وجريدة العصر» للعماد الأصفهاني بأقسامه الثلاثة: العراق، والشام، وفارس، المصدر الأول الذي عوّل عليه المؤلف في تراجمه. يضاف إليه دواوين الشعراء المتأخرين الذين عاصروا العمري، وتأخروا عن صاحب اليتيمة، كصفي الدين الحلي وعمر بن الوردي.
ولا شك في أن التراجم التي اشتمل عليها هذا السفر، والاختيارات الشعرية التي جاءت تالية لهذه التراجم تعطي صورة واضحة لعصرها الذي قيلت فيه.
وهي صورة دللت من جديد على أنه عصر أقرب للضعف منه للقوة؟ وأن شعراءه كانوا صدى خافتا مبهما لمن سبقوهم من شعراء العصر العباسي الأول. وإن نشر شعرهم أدخل في باب التاريخ منه في باب الفن.