كأنما يستلّ الأكباد [ص 50] ويستلب في كل لحن قطعة من الفؤاد.
قال أبو الفرج: كان يقول: ما رأيت باطلا أشبه بحق من الغناء. ويقال: إن دحمان شهد عند عبد العزيز بن حنظلة «1» وهو يلي القضاء، لرجل من أهل المدينة على رجل من أهل العراق شهادة فأجازها وعدله «2» ، فقال العراقي: إنه دحمان، قال: أعرفه ولو لم أعرفه لسألت عنه، فقال: إنه يغني، ويعلم الجواري الغناء، قال: غفر الله لنا ولك، وأيّنا لا يتغنّى، اخرج إلى الرجل من حقه.
قال عمر «3» بن شبّة: بلغني أن المهدي أعطى دحمان في ليلة خمسين ألف دينار، وذلك أنه غناه من شعر الأحوص: «4» [مجزوء الوافر]
قطوف المشي إذ تمشي ... ترى في مشيها خرقا «5»
فطرب واستخفه السرور حتى قال لدحمان: سلني ما شئت، قال: ضيعتان بالمدينة يقال لهما: ريان وغالب «6» ، فأقطعه إياهما، فلما خرج التوقيع إلى أبي عبد الله وعمر بن بزيع، راجعا المهدي فيه وقالا: إن هاتين الضيعتين لم يملكهما