يستعفونه «1» [ص 13] من نفيهم فأعفاهم.
قال أبو الفرج، أخبرني عبد الرحمن بن محمد السعدي قال: حضرت شطباء المغنية جارية علي بن جعفر ذات يوم وهي تغني «2» : [الخفيف]
ليس بين الرّحيل والبين إلا ... أن تردّوا جمالهم فتزمّا
فطرب علي بن جعفر وصاح: سبحان الله لا يكون قربه ولا يشدون ألا يعقلون بشعره «3» ، لا تسلمون على جار، هذه والله العجلة.
قال إسحاق: بلغني أن سكينة حجّت، فدخل إليها ابن سريج والغريض، فقال لها ابن سريج: يا سيدتي إني كنت صنعت صوتا وحسّنته وتنوّقت «4» فيه، وخبّأته لك في درج مملوء مسكا، فنازعنيه هذا الفاسق- يعني الغريض- وأردنا أن نتحاكم إليك فيه، فأيّنا قدّمته [فيه] تقدّم، قالت: هاته، فغناها: «5» [السريع]
عوجي علينا ربّة الهودج ... إنّك إن لم تفعلي تحرجي
فقالت: هاته أنت يا غريض فغناها إياه «6» ، فقالت لابن سريج: أعده، فأعاده، فقالت: أعده يا غريض، فأعاده، فقالت: ما أشبهكما إلا بالجديين الحار والبارد، لا أدري أيهما أطيب.
قال إسحاق: ولي قضاء مكّة الأوقص المخزوميّ، فما رأى الناس مثله في عفافه