قال الفقيه «1» : كنت عند الشيخ يوما؛ فجاءه رجلان من العرب، فقالا: نطلع إليك؟.
قال: لا.
فذهب أحدهما وجلس الآخر، فقال الشيخ: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ
«2» ، ثم قال له: اطلع. وطلع، فأقام عندنا أياما، فقال له الشيخ: تحب أن أريك قبرك؟.
قال: نعم. فأتى به المقبرة، فقال: هذا قبرك!. فأقام بعد ذلك اثني عشر يوما، أو أربعة عشر يوما، ثم مات، فدفن في ذلك المكان!.
وكان له زوجة، ولها بنت، فطلبت أن يزوجني بها، فتوقّفت أمها، وقالت: هذا فقير ما له شيء.
فقال: والله إني أرى دارا قد بنيت له، وفيها ماء جار، وابنتك عنده في الإيوان، وله كفاية على الدوام، فقالت: ترى هذا؟. قال لها: نعم.
فزوّجتنيها، ورأت ذلك، وأقامت معي سنين، وذلك سنة محاصرة الملك العادل سنجار.
وكانت امرأة بعد موتها تطلب زواجي، وتشفّعت بزوجة الشيخ، فلما أكثرت عليّ، شكوتها إلى الشيخ، فقال: طوّل روحك يومين، ثلاثة، ما تعود تراها.
قال: فقدم ابن عمها من مصر أمير كبير بعد أيام، فتزوّج بها، وما عدت رأيتها.
قال ابن العديم: توفي في عشر ذي الحجة، سنة سبع عشرة وستمائة، وهو صائم، وقد جاوز الثمانين.
وكان رحمه شيخا طوالا، مهابا، كأنه نار، وكان يقوم نصف الليل إلى الفقراء، فمن رآه