رجل رأى بعين البصيرة واطّبع، وتمثّل بصفاء السريرة هول المطلع، أسمعه النذير، وأسرعه النفير، وزجره واعظ القرآن فازدجر، وألان قلبه- وكان من حديد أو حجر-، وقد مضت عليه سنون كان سائحا في سنتها «1» طافحا بسمتها، وشبابه مقتبل، وشأنه أنه لغرّة العمر مهتبل، فردّ سيله قبل بلوغ القرآن، وأنام سيفه بعد ما فقد غراره «2» ، وذلك حين آن له المتاب، وسبق له الكتاب، فعمل بعمل أهل الجنة، وأظهر الله له من سرّه ما أجنّه.
وروى أبو القاسم القشيري بسنده قال: كان الفضيل شاطرا «3» يقطع الطريق بين أبيورد «4» وسرخس.
وكان سبب توبته: أنه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الجدران إليها، سمع تاليا يتلو: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ
«5» ، فقال: يا رب! قد آن. فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها رفقة «6» ، فقال بعضهم: نرتحل، وقال قوم: حتى نصبح، فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا. فتاب الفضيل «7» ، وأمّنهم، وجاور الحرم حتى مات.
وقال الفضيل بن عياض:" إذا أحبّ الله عبدا أكثر غمّه «8» ، وإذا أبغض عبدا وسّع عليه دنياهء «9» ".
وقال ابن المبارك: إذا مات الفضيل ارتفع الحزن. «10»