إلا الاحتباس لماء السماء، واحتقان الماء الذي ينبع من الأرض. وغيض الماء الحاصل على ظهرها والاحتراس في قوله: «وقيل بعدا للقوم الظالمين» ؛ إذ الدعاء عليهم يشعر بأنهم مستحقو الهلاك؛ احتراسا من ضعيف العقل، يتوهم أن العذاب شمل من يستحق ومن لا يستحق فتأكد بالدعاء كونهم مستحقين. والإيضاح في قوله تعالى؛ ليبيّن أن القوم الذين سبق ذكرهم في الآية المتقدمة، حيث قال: وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ «1»
هم الذين وصفهم بالظلم؛ ليعلم أنّ لفظة القوم ليست فضلة، وأنه يحصل بسقوطها ليس في الكلام والمساواة؛ لان لفظ الآية لا يزيد على معناها، وحسن النسق؛ لانه سبحانه وتعالى عطف القضايا بعضها على بعض بحسن وائتلاف اللفظ مع المعنى؛ لأن كل لفظة لا يصلح موضعها غيرها والإيجاز، لانه سبحانه وتعالى اقتصّ القصة بلفظها مستوعبة بحيث لم يحل منها في أقصر عبارة. والتسهيم؛ لأن أول الآية إلى قوله: أقلعي، يقتضي آخرها.
والتهذيب؛ لأن مفردات الألفاظ موصوفة بصفات الحسن، عليها رونق الفصاحة سليمة من التعقيد والتقديم والتأخير والتمكين؛ لأن ألفاظه مستقرة في قرارها، مطمئنة في مكامنها، والانسجام وهو يجدر الكلام بسهولة كما ينسجم الماء. وباقي مجموع الآية من الإبداع، وهو أن يأتي في البيت الواحد من الشعراء، والقرينة الواحدة من النثر عدّة ضروب من البديع بحسب عدد كلماته أو جمله «2» .
قال: فهذه سبع عشرة لفظة تضمنت واحدا وعشرين ضربا من البديع غير ما تكرر من أنواعه فيها.
وأنشد له ابن سعيد قوله في المريض: [المتقارب]
ولمّا رأيتك عند المديح (م) ... جهم المحيّا لنا تنظر
تيقّنت بخلك لي بالنداء ... لأنّ الجهامة لا تمطر