يقول السائل: كيف كان هدي الرسول عليه الصلاة والسلام في الإعتكاف؟ وهل يصح للمسلم أن ينوي الإعتكاف كلما دخل المسجد؟ وما حكم الإعتكاف؟
الجواب: قال العلامة ابن القيم رحمه اله (كان - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل وتركه مرة فقضاه في شوال.
واعتكف مرة في العشر الأول ثم الأوسط ثم العشر الأخير يلتمس ليلية القدر ثم تبين له أنها في العشر الأخير فداوم على اعتكافه حتى لحق بربه عز وجل.
وكان يأمر بخباء فيضرب له في المسجد يخلو فيه بربه عز وجل وكان إذا اراد الاعتكاف صلى الفجر ثم دخله .. وكان يعتكلف كل سنة عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً .. وكان إذا اعتكف دخل قبته وحده وكان لا يدخل بيته في حال اعتكافه الا لحاجة الأنسان وكانت بعض أزواجه تزوره وهو معتكف ولم يباشر امرأة من نسائه وهو معتكف لا بقبلة ولا غيرها وكان إذا اعتكف طرح له فراشه ووضه له سريره في معتكفه - .. الخ). زاد المعاد 2/ 88 - 90.
هذا هو هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الإعتكاف وعلينا الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - واما حكم الاعتكاف فهو مسنون عند أكثر أهل العلم في العام كله وأوكد الأعتكاف ما كان في العشر الأواخر من رمضان وإذا نذر المسلم الاعتكاف صار الوفاء به فرضاً.
وأما زمان الإعتكاف ومدته فجمهور العلماء يرون جواز الإعتكاف مدة يسيرة في المسجد كساعة أو ساعتين ونحو ذلك.
قال ابن حزم: (كل اقامة في مسجد لله تعالى بنية التقرب اليه اعتكاف فالاعتكاف يقع على ما ذكرنا مما قل من الأزمان أو كثر اذا لم يخص القرآن والسنة عدداً من عدد ولا وقتاً من وقت عن سويد بن غفلة قال: من جلس في المسجد وهو طاهر فهو عاكف فيه ما لم يحدث وعن عطاء بن أبي رباح عن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال: اني لامكث في المسجد ساعة وما أمكث الا لاعتكف، قال عطاء: هو اعتكاف ما مكث فيه وان جلس في المسجد احتساب الخير فهو معتكف والا فلا) المحلى 3/ 412.
وينبغي أن يعلم أن الإعتكاف لا بد أن يكون في المسجد الذي تقام فيه الجمعة والجماعة حتى لا يحتاج المعتكف للخروج لهما ولا بد في الاعتكاف ايضاً من النية لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (إنما الأعمال بالنيات).
والمطلوب من المعتكف أن يلبث في المسجد وينشغل بالصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والاستغفار وعليه أن يبتعد عن الخوض في أمور الدنيا.
وعليه أن يجتنب ما لا يعنيه من الأقوال والأفعال ويجتنب أيضاً المراء والجدال والسباب ويقلل الكلام في أمور الدنيا ولا يتكلم الا بخير ويكره للمعتكف أن يترك الكلام تركاً مطلقاً معتقداً أن ذلك قربة لله لأن ذلك بدعة وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من نذر ترك الكلام أن يتكلم ويجوز للمعتكف أن يأكل ويشرب وينام في المسجد مع وجوب محافظته على نظافة وطهارة المسجد ويجوز له أن يتطيب ويلبس ما شاء من الملابس الحسنة، وإذا نوى المسلم الاعتكاف في العشر الاواخر من رمضان فعليه أن يلبث في المسجد ولا يجوز له الخروج الا لحاجة الناس ويجوز أن يخرج للوضوء والغسل وللأعمال الضرورية لأن الخروج من المسجد يفسد الإعتكاف الا ما ذكرنا.