يقول السائل: هل تصلى التراويح عشرون ركعة أم ثماني ركعات وهل تصح صلاة التراويح في البيت؟
الجواب: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد رغب في قيام رمضان وحث عليه في أحاديث منها: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمر فيه بعزيمة فيقول: من قام رمضان إيمانا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه البخاري ومسلم.
وقد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصاحبة في رمضان في عدة ليالي في أوله وفي آخره كما ثبت ذلك عنه، وكان هديه - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي أحدى عشرة ركعة كما ثبت ذلك عنه في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة) رواه البخاري ومسلم، ولم يثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - المداومة على صلاة التراويح لأنه خشي أن تفرض على الأمة كما ثبت ذلك في الصحيحين.
وقد اختلف أهل العلم في عدد ركعات صلاة التراويح فأكثر الفقهاء يرون أنها تصلى عشرون ركعة والوتر ثلاث ركعات وهذا القول مشهور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث ورد أنه جمع الناس على أمام واحد يصلى بهم ثلاثاً وعشرين ركعة كما ورد في الحديث عن عبد الرحمن بن عبد القاري، قال: خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان تالى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر نعمت البدعة هذه والتي يتأمون عنها أفضل من التي يقومون. يعني آخر الليل وكان الناس يقومون أوله" رواه البخاري.
وروى البيهقي بإسناد صحيح كما قال النووي عن السائب بن يزيد الصحابي رضي الله عنه قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة وكانوا يقومون بالمئتين .. " المجموع 4/ 32.
ومن أهل العلم من يرى عدم زيادة صلاة التراويح عن إحدى عشرة ركعة لحديث عائشة السابق وغيره من الأحاديث الثابتة في هدي المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.
وترى طائفة أخرى من أهل العلم عدم تحديد عدد معين من الركعات في صلاة قيام رمضان أي التراويح ومنهم شيخ الإسلام إبن تيمية والإمام الشوكاني وغيرهما وأنا أميل الى هذا القول، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما نصه "كما أن نفس قيام رمضان لم يوقت النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه عدداً معيناً بل كان هو - صلى الله عليه وسلم - لا يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة لكن كان يطيل الركعات فلما جمعهم عمر على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة لأن ذلك أخف على المأمومين من تطويل الركعة الواحدة ثم كان طائفة من السلف يقومون بأربعين ركعة ويوترون بثلاث وأخرون قاموا بست وثلاثين وأوتروا بثلاث وهذا كله سائغ فكيفما قام في رمضان من هذه الوجوه فقد أحسن.
والأفضل يختلف باختلاف احوال المصلين فإن كان فيهم احتمال لطول القيام فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها كنا كان النبي يصلي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين فإنه وسط بين العشر وبين الأربعين وأن قام بأربعين وغيرها جاز ذلك ولا يكره شيء من ذلك وقد نص على ذلك غير واحد من الأئمة كأحمد وغيره، ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد مؤقت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ، مجموع الفتاوى 23/ 272.