هَذَا هُوَ حجَّة هَؤُلَاءِ. وَالَّذِي أحرره هُنَا أَن أَقُول: إِن الْإِعْرَاب فَارق بَين الْمعَانِي الْعَارِضَة كالفاعلية والمفعولية والتعجب وَالنَّفْي والاستفهام، نَحْو: مَا أحسن زيدا. وَمَا أحسن زيد. وَمَا أحسن زيد. نفس الحركات هُنَا هُوَ الْفَارِق بَين الْمعَانِي، وَإِذا ثَبت أَن الْإِعْرَاب فَارق بَين الْمعَانِي فَالْفرق الْحَاصِل عَن الْفَارِق يعرف تَارَة بِالْعقلِ كمعرفة أَن الِاثْنَيْنِ اكثر من الْوَاحِد، وَأَقل من الثَّلَاثَة. هَذَا مَعْلُوم بِالْعقلِ من غير لفظ يدل عَلَيْهِ. وَتارَة يعرف بالحس، من السّمع وَالْبَصَر واللمس والذوق والشم، فَأَنت تفرق بَين زيد وَعَمْرو فِي التَّسْمِيَة بِمَا تسمعه من اللَّفْظَيْنِ، وتفرق بَين الْأَحْمَر والأبيض بحاسة الْبَصَر، وَبَين الْحَار والبارد والناعم والخشن باللمس، وَبَين الحلو والمر بالذوق. وَبَين الرّيح الطّيبَة والخبيثة بالشم، وَالْإِعْرَاب من قبيل مَا يعرف بحاسة السّمع، أَلا ترى أَنَّك إِذا قلت لإِنْسَان: افرق بَين الْفَاعِل وَالْمَفْعُول، والمضاف إِلَيْهِ (فِي) ، نَحْو قَوْلك: ضرب زيد غُلَام عَمْرو. فانه إِذا ضم أَولا، وَفتح ثَانِيًا، وَكسر ثَالِثا حصل لَك الْفرق بألفاظه، لَا من طَرِيق الْمَعْنى، فانك أَنْت قد تدْرك هَذَا الْمَعْنى بِغَيْر لفظ، فَدلَّ أَن الْإِعْرَاب هُوَ لفظ الْحَرَكَة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015