وأما إن منع الإمام من ذبح أضحيته مانع من عذر غالب، فيلزم الناس انتظاره إلى زوال الشمس، وهو آخر الوقت لصلاة العيد، فإن أمكنه الذبح إلى ذلك، وإلا ذبحوا هم وأَجْزَأَتْهُمْ ضَحَايَاهُمْ.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الذبح مرتبط بصلاة الإمام، لا بذبحه، بدليل ما روى عن البراء بن عازب، قيل: " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم أضحى إلى البقيع، فبدأ فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: إن أول سنتنا، في يومنا هذا، أن نبدأ بصلاة، ثم نرجع، فننحر، فمن فعل ذلك فقد وافق سنتنا، ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم عجله لأهله، ليس من النسك في شيء، فقام خالي، فقال: يا رسول الله، إني ذبحت، وعندي جذعة، خير من مسنة؟ فقال: اذبحها، ولا تجزيء، أو لا توف، عن أحد بعدك.
وما روى عن جندب قال: " شهدت النبي صلى الله عليه وسلم، يوم النحر، فمر بِقَوْمٍ قد ذبحوا قبل أن يصلي، فقال: " من كان قد ذبح قبل الصلاة فليعد، فإذا صلينا فمن شاء ذبح، ومن شاء فلا يذبح ".
وما روي عن أنس بن مالك " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، صَلَّى ثم خطب، فأمر من كان ذبح قبل الصلاة أن يعيد ذبحه ".
وهذا لا حجة فيه على مالك، رحمه الله، إذ ليس في أمر النبي صلى الله عليه وسلم، بالإعادة لمن ضحى قبل الصلاة ما يدل على إجازة ضحية من ذبح بعد الصلاة، قبل ذبح الإمام، بل قد جاء