ونبه الله عبادة في محكم التنزيل، اذ هو بين واضح، لائح، يدرك ببديهة العقل بأيسر تأمل في الحين، فيبادروا بعد إلى تعلم ما يلزمهم التفقه فيه من أحكام الوضوء، والصلاة والزكاة، والصيام، وسائر الشرائع والآحكام، ومعرفة الحلال في المكاسب من الحرام.

لا يتعلم مذهب المتكلمين الا من تقدم في الدراسة

وأما من شدا في الطلب، وله حظ وافر من الفهم، فمن الحظ له أن يقرأها إذا وجد إماما فيها، يفتح عليه منغلقها، لآنه يزداد بقراءتها، والوقوف عليها، بصيرة من اعتقاده، ويعرف بذلك فساد مذاهب أهل البدع، واضمحلال شبههم؛ فيمكنه الرد عليه ويجوز بذلك وجه الكمال في العلم، ويدخل به الصنف الذى عناهم النبي، عليه السلام، يقول: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين".

هذا الواجب فيما سألت عنه، لا ما حكيته عن الطائفة المذكورة، من أنه يتعين على العالم والجاهل، قراءة مذاهب المتكلمين، من الأشعرية، والبداية بذلك قبل تعليم ما يقيم به أمر الله من وضوئه، وصلاته، وسائر العبادات المفترضة عليه، ويفكرون من خالف ذلك، وما الكفر الا في اعتقاد ما ذهبوا اليه من ذلك؛ لأنهم إذا لم يصلوا ولا صاموا، ولا حجوا، حتى يعرفوا الله تعالى من تلك الطريقة الغامضة البعيدة، قد لا يصلون إلى معرفة من تلك الطريقة الا بعد المدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015