قيل له: إذا احتمل الكلام محتملات، بعضها أظهر من جهة اللفظ وبعضها أصح من جهة المعنى، وجب أن يحمل على ما يصح به معناه منها، وان لم يكن من جهة اللفظ أظهرها. وهذا ما لا اشكال فيه؛ ألا ترى أنا إذا حملناه على ما ذكر، فقلنا: تقدير الكلام؛ قل: انما علمهما، كائنة عند ربي، وعند الله، حق، على ما قدره عليه من حمله على اظهر محتملاته من جهة اللفظ، فسد معناه.

ولم يمنع أبو علي، رحمه الله، من تعلق الظرف بمحذوف، يكون في موضع خبر المبتدأ، جملة، كما تأول عليه الفقيه الأستاذ، أبو عبد الله، رحمه الله، بل قدر المحذوف خبرا المبتدأ، حيث احتاج اليه، واقتضاه معنى الكلام، ولم يقدره حيث استغنى عن تقديره، وحسن عنده: أن يتعلق الظرف بالظاهر، دون مضمر محذوف، حسبما بينا.

(2) ويحتمل كلامه وجها آخر، هو أشبه بمراده، إذا صح أنه من أهل الاعتزال، وهو أن يكون قوله هذا اشارة منه إلى / القول بالأحوال، وذلك أنهم يقولون: ان الله تعالى عالم، وليس له علم، لكنه على كل حال يفارق بها من ليس بعالم، فهم يصرفون معنى: علم الله، إلى هذه الحال، التي يثبتونها لله؛ فيكون معنى قوله ان الظرف لا يكون نتعلقا بمحذوف إلا أن تجعله في موضع حال، ان الظرف لا يتعلق، على الوجه الذي يصح أن يعلق به في الآية، إلا بهذه الحال؛ اذ ليس لله علم عندهم يتعلق الظرف به، على معنى ما، فلما كانت هذه الحال محذوفة من اللفظ في الآية مقدرة في نفوسهم، معتقدة في قلوبهم، قال: إن الظرف يتعلق بها، وهذا وجه محتمل على مذهب المعتزلة.

وهذه الحال التي يثبتها أهل الاعتزال باطل، على قولهم: انها ليست بمعلومة، ولا مجهولة، ولا موجودة، ولا معدومة، اذ يستحيل أن يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015