قالوا: علم الله أمر كذا، أو يعلم كذا، فمعناه عندهم: أنه لا يجهل، ويرون أن الفعل دخله المجاز، والمراد به هذا، كما دخل المجاز في قولهم: مات فلان مع أنه لم يحدث موتا: لكنه دليل على أنه ليس بحي.
فاذا وجدوا لفظة العلم مضافة إلى الله ومسندة اليه، من جهة اللفظ، والمعنى، تحيلوا في صرفها إلى معنى الفعل، ليصح فيه ما ادعوه من المجاز، أو صرفها عن ظواهرها بوجه غيره. حسبما أذكره تأويل الآية: وعنده علم الساعة
فلما وجد الفارسي في التنزيل لفظ العلم مسندا من جهة المعنى إلى الله تعالى:
{وعنده علم الساعة}
[سورة الزخرف الآية: 58]
جعل اضافة المصدر إلى الساعة من باب اضافته إلى المفعول به، وتسبب إلى ذلك بالكلام على الظرف، الذي هو الساعة ليخرج العلم الذي يصح لخصمه التعلق به في اثبات العلم الله، وقدره معملا في موضع الساعة، ولا يكون معملا حتى يقدر بمعنى الفعل، الذي يدخله المجاز، على معتقده، فقال: انما معنى يعلم الساعة: يعرفها، وهي حق، وليس الأمر على ما الكافر عليه، انكارها وردها، أفلا تراه قد صرف قوله، وعنده علم الساعة الي يعلم الساعة، دون مقدمة تثبت صرف العلم، الي معنى يعلم فأوهم بذلك: أنه أمر قد استقر، وعلم ووقع الاتفاق، عليه، ولم يقدر المصدر بأن المسوغة إخراج المصدر إلى معنى الفعل معميا للأمر وملبسا فيه.