اعترض على بعض أهل النظر من مقدمي فهماء عصرنا ونبلائهم قولي في بعض فصول هذه المسألة: إن بني آدم نجس من أصله، بخلاف الخمر والزيت تموت فيه الدابة فقال: ان البول؛ ايضا، ليس نجس من أصله لأن أصله الماء المشروب وهو طاهر؛ فلا فرق بين ذلك وبين الخمر والزيت تموت فيه الدابة فانفصلت عن اعتراضه بأن قلت: قد تقرر العلم بأن الماء أصل كل ما فيه بلة ورطوبة من جميع النبات وأنواع الحيوانات.

فلما كان الماء الذي يغتدي به جميع ذلك قد تشربه وحصل مستهلكا فيه، كان ملغى ووجب الاعتبار بما يخرج منه، من ذلك العصير من العنب والبول من بني آدم فلذلك قلت في البول: انه نجس من أصله بخلاف الخمر لأن البول حصل أصلا في نفسه، لالغاء ما قبله ما اغتذى به الجسم كما حصل العصير اصلا في نفسه، لالغاء ما قبله مما اغتذى به الكرم، فليس البول عين الماء المشروب، وانما هو رشح يصل إلى المثانة، ويجتمع فيها من بلة ورطوبته، كان شرب الماء او لم يكن ألا ترى أن المولود قد يبول يولد، قبل ان يطعم أو يشرب شيئاً.

طهارة أبوال الأنعام بين أشهب وغيره

وقد قال أشهب، رحمه الله، ان أبوال الأنعام طاهرة، وان شربت ماء نجسا، فلم يعتبر حكم الماء الذي شربت في أبوالها، لاستهلاك أعضائها اياه، قبل ان يصير بولا، وهو على قياس ما قلناه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015