مدخل الشبهة على ابن الألبيري:
فصل: انما دخلت الشبهة على من قال: ان الخمر، إذا تخللت، فقد انقلبت، بمعنى أن جواهرها تبدلت بجواهر سواه من أجل اطلاق أهل العلم ان الخمر محرمة العين نجسة الذات وإجماعهم على أنها، إذا تخللت، محللة العين، ظاهرة الذات فظنوا أن الذات الواحدة يستحيل أن تكون نجسة في حال، طاهرة في حال آخر، وليس ذلك كما ظنوا.
النجس لذاته والنجس لمعنى طرأ عليه
وتحقيق القول في هذا المعنى يفتقر إلى تقسيم وتحصيل، وهو أن الشيء النجس على ضربين:
أحدهما نجس من أصله كبول بني أدم ولحم الخنزير وشحم الميتة وما أشبه ذلك.
والثاني نجس لمعنى طرأ عليه كالسمن أو الزيت تشرب فيه الدابة أو تقع فيه النجاسة أو الثوب يصيبه البول، أو ما أشبه ذلك.
فأما الشيء النجس من أصله، فيستحيل، في العقل، أن يكون في حال طاهرا من أصله باستحالة أصله ولا يستحيل فيه أن يكون طاهرا في الحكم وانما يمتنع ذلك من جهة الشرع، الا في بعض المواضع وعلى وجوه مخصوصة، ولا مجال في ذلك للعقل.
وأما الضرب الثاني، وهو الشيء النجس لمعنى طرأ عليه، فذلك المعنى علة شرعية في انتجاس ذلك الشيء، فاذا ارتفعت بما يصح ارتفاعها به من جهة الشرع، من غير ان تخلفها علة اخرى، موجبة لمثل حكمها، طهر ذلك الشيء.