هل حكم الطعام وجميع المكيلات والموزونات حكم سائر العروض التي لا تكال، ولا توزن، أم المكيل والموزون بخلاف ذلك، ويقع التحالف والتفاسخ على مذهب ابن القاسم في رد المثل؛ إذ المكيل والموزون، عنده، لا يفوت بحوالة سوق، ولا بذهاب عينه في غير ما مسألة، قال في مسألة من باع طعاما بيعا فاسدا؛ إنه يرد مثله، وإن فات، خلافا لابن وهب.
وفي كتاب العيوب، فيمن باع عبدا بمكيل أو موزون، فاستهلك ذلك البائع، ثم وجد المبتاع بالعبد عيبا؛ إنه يرده، ويرجع بمثل ما دفع؛ لأن المكيل والموزون بمنزلة العين، فإذا أخذ مثله، فكأنه أخذ عين شيئه، وفي كثير من نظير هذا من الأحكام.
فهل حكم التداعي في ثمن المكيل والموزون مثل هذا أم لا؟ فإذا كان بخلافه فما الفرق، إن لم يجعلوا المثل في هذه المسألة كما جعلوه في سائر المسائل؟.
وهذا كله إنما الغرض منه معرفة مذهب المدونة، لا ما في العتبية، في سماع يحيى فيها، وما في الواضحة، وغيرها، على ما في علمك.
فقد نزلت ببلنسية، فطائفة جعلت ما وقع في العتبية مطابقا للمدونة، وطائفة جعلت ذلك خلافا، وقالت: إن مذهب المدونة أن المكيل والموزون لا يفوت بشيء على حال من الأحوال، ورد الأمثال عوض الأعيان.
فما وجه الصواب من ذلك إن شاء الله تعالى؟