عدا ذلك يجري الماء على مناصب أرحائه، ولا مطلب لهم فيه، ولا حاجة، تلك المدة، وإنما ينازعهم في زمن آخر؛ هل يسمع قوله، وتوجب له هذه الحجة حل العقلة، ويبقون في مطلب حججهم، فإن انقضى خصامهم قبل سنة أخرى، وإلا فيعتقل الماء، إذا حان زمن السقي من السنة الأخرى، أم ترى العقلة باقية، حتى يتم خصامهم، إذ من حجة الأخر أن يقولوا: هذا شيء متنازع فيه، يدعي فيه حقا، فلا نبقيه بيد خصمنا، حتى ينقضي فيه الخصام؟.
الجواب عليه: تصفحت - أعزك الله بطاعته، وتولاك بكرامته - سؤالك هذا، ووقفت عليه.
وأصحاب الجنات أحق بالماء لسقي جناتهم من أصحاب الأرحاء، وإن كانوا أنشأوا جناتهم بعد إنشاء أهل الأرحاء لأرحائهم، فإذا استغنوا عن السقي به صرفه أهل الأرحاء إلى أرحائهم.
هذا الذي أراه، وأقول به في هذه المسألة عن معنى ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في سَيْل مهزور ومذينيب؛ لأنه قضى أن يمسك الأعلى الماء إلى الكعبين، ثم يرسله على الأسفل. فلما لم يخص، صلى الله عليه وسلم، الأَعْلى بجميع الماء دون الأسفل أبدا، لم يكن لأصحاب الأرحاء أن يختصوا بجميع الماء لأرحائهم أبدا، دون أصحاب الجنات، وإن كانوا فوقهم، أو سبقوهم بالإنشاء، فلا يحتاج، على هذا، إلى ما سألت عنه من التوقيف والإعذار.
وبالله التوفيق لا شريك له.