وعندما يقوم العالم الإمام برسالته، ويؤدي دوره القيادي في المجتمع، وفق هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم نجد أثر ذلك واضحا في الناس، إذ المساجد جامعات عظمى يتخرج فيها العلماء العاملون، والرجال الصالحون، الذي يسيرون في الناس سيرا حسنا، وينهجون نهجا عظيما؛ لأن تعليم المساجد يختلف عن تعليم المدارس، ولقد أجاد سماحة الإمام العلامة عبد الله بن حميد رحمه الله وهو أحد الذين تخرجوا في المساجد حينما فرق بين تعليم المسجد وتعليم المدارس من وجوه فقال: الوجه الأول - أن التعليم في المسجد يكتنفه جو عبادي، يشعر المعلم فيه والمتعلم، والسامع أنهم في بيت من بيوت الله فيكونون أقرب إلى الإخلاص، والتجرد، والنية الحسنة، لا يقصدون في الغالب من التعلم والتعليم إلا وجه الله، وأهدافهم هي التفقه في الدين، وأداء العمل على وجهه الصحيح والدعوة إلى الله، والجهاد في سبيله، لا يرجون من وراء ذلك مغنما ولا جاها، ولا منصبا، ولذلك تجد غزارة العلم وحفظه، وإتقانه عند كثير من علماء المسجد في أوقات قصيرة، بخلاف طلاب المدارس فإنهم - في الغالب - لا يصلون إلى مرتبة علماء المساجد في ذلك، والواقع التاريخي يشهد بذلك، فهل خرجت المدارس، والمعاهد؛ والجامعات كالأئمة والمحدثين والفقهاء والنحويين ومن شابههم؟