ولقد شاع في الناس مقولة القائلين بأن إمامنا يتخلف عنا أوقاتا كثيرة، ورأينا من اقتدى بإمامه في إضاعة العمل الذي أسند إليه؛ ذلك أن الإمام قدوة، وله عند الناس مكانة تجعلهم ينظرون إليه دائما في أقواله وأفعاله، فإما نظرة حب وإعجاب فهو قدوة حسنة، وإما نظرة بغض وازدراء فهو قدوة سيئة لضعيف الإيمان وهو على من عداهم ثقيل غير محتمل.
ثانيا: كسب قلوب الناس، وجعلهم يحبون التردد على المساجد، ويحافظون على الجماعة مطلب عظيم لا يخفى على أحد ثمراته الطيبة، وضد ذلك مفسدة يجب دفعها، وقطع أسبابها، وهذه مسئولية الإمام الذي إذا اخلص نيته، وفقه سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في مراعاة أحوال المصلين بحيث لا يشق عليهم فيطيل بهم ويفتنهم وينفرهم، فإنه يكون بذلك محببا ومؤثرا في الناس ومرغبا لهم في هذا الفضل العظيم.
ولذا حث النبي صلى الله عليه وسلم على التجوز، وحذر في موعظة قوية من التنفير، فقد جاء عن أبي مسعود رضي الله عنه أن رجلا قال: والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا، قال أبو مسعود: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضبا منه