والمظنون بكل منهما أنه لم يقصد شيئا من ذلك، وإنما يقال هذا في وقت المخاصمة، فإنما أراد خالد بن الوليد نصرة الإسلام وأهله، وإن كان أخطأ في أمر، واعتقد أنهم ينتقصون الإسلام بقولهم "صبأنا صبأنا" ولم يفهم عنهم أنهم أسلموا، فقتل طائفة كثيرة منهم وأسر بقيتهم، وقتل أكثر الأسرى أيضا؛ ومع هذا لم يعزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل استمر به أمرا، وإن كان قد تبرأ منه في صنيعه ذلك، وودى1 ما كان جناه خطأ في دم أو مال ... ولهذا لم يعزله الصديق حين قتل مالك2 ابن نويرة أيام الردة وتأول عليه ما تأول حين ضرب عنقه واصطفى امرأته أم تميم، فقال له عمر بن الخطاب: اعزله فإن في سيفه رهقا3، فقال الصديق: لا أغمد سيفا سله الله على المشركين4.
وقال ابن حجر: قوله: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" يعني من قتله الذين قالوا: "صبأنا" قبل أن يستفسرهم عن مرادهم بذلك القول، فإن فيه إشارة إلى تصويب فعل ابن عمر ومنم تبعه في تركهم متابعة خالد على قتل من أمرهم بقتلهم من