وهذا ظاهر في أن العطاء كان من صلب الغنيمة بخلاف ما رجحه القرطبي1".اهـ.

وقال السهيلي: "وأما إعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم من غنائم حنين حتى تكلمت الأنصار في ذلك وكثرت منهم القالة", وقالت: "يعطي صناديد العرب ولا يعطينا, وأسيافنا تقطر من دمائم, فللعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال:

أحدها: "أنه أعطاهم من خمس الخمس, وهذا القول مردود لأن خمس الخمس ملك له ولا كلام لأحد فيه".

القول الثاني: "أنه أعطاهم من رأس الغنيمة, وأن ذلك خصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم لقوله تبارك وتعالى: {قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} ، [سورة الأنفال، من الآية: "1] . وهذا القول أيضا يرده ما تقدم من نسخ هذه الآية, وقد تقدم الكلام عليها في غزوة بدر2, غير أن بعض العلماء احتج لهذا القول بأن الأنصار لما انهزموا يوم حنين فأيد الله رسوله وأمده بملائكته, فلم يرجعوا حتّى كان الفتح, رد الله تعالى أمر الغنائم إلى رسوله من أجل ذلك فلم يعطهم منها شيئا وقال لهم: "ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير, وترجعوا برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم, فطيب نفوسهم بذلك بعد ما فعل ما أمر به.

القول الثالث: "وهو الذي اختاره أبو عبيد أن إعطائهم كان من الخمس حيث يرى أن فيه مصلحة للمسلمين3".

وقال ابن قيم الجوزية: "وهذا العطاء الذي أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم لقريش, والمؤلفة قلوبهم, هل هو من أصل الغنيمة أو من الخمس, أو من خمس الخمس؟

فقال الشافعي ومالك: "هو من خمس الخمس, وهو سهمه صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله له من الخمس, وهو غير الصفي4 وغير ما يصيبه من المغنم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستأذن الغانمين في تلك العطية, ولو كان العطاء من أصل الغنيمة, لاستأذنهم لأنهم ملكوها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015