قال صاحب عون المعبود: "وإنما غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم عاضوا حكم الشرع فيهم بالظن والتخمين، وشهدوا لأوليائهم المشركين بما ادعوه أنهم خرجوا هرباً من الرق، لا رغبة في الإسلام وكان حكم الشرع فيهم، أنهم صاروا بخروجهم من ديار الحرب مستعصمين بعروة الإسلام لا يجوز ردهم إليهم، فكان معاونتهم لأوليائهم تعاوناً على العدوان1.
155- وأخرج مسلم والنسائي وابن ماجة والبيهقي من حديث أبي الزبير2 عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جاء عبد فبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الهجرة، ولم يشعر أنه عبد، فجاء سيده يريده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "بعنيه" فاشتراه بعبدين أسودين3، ثم لم يبايع أحدا بعد، حتى يسأله: "أعبد هو؟ " 4. واللفظ لمسلم.
قال الشافعي - رحمه الله -: "ولو كان الإسلام يعتقه لم يشتر منه حرا، ولكنه أسلم غير خارج من بلاد منصوب عليها الحرب"5.
وخلاصة ما تضمنه الرويات السابقة أمور:
الأول: أن من التدابير العسكرية الناجحة التي استخدمها المسلمون بتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم:
الأمر بقطع أعناب ثقيف ونخيلهم وتحريقها إغاظة لهم وهزا لمعنوياتهم وكان في ذلك نكاية بالغة بهم، حتى طالبوا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعها لله وللرحم، فلما بلغته مناشدتهم له بذلك، تركها، ولكن بعد أن أثر بدون شك في نفوس القوم وأضعف عزائمهم.