قال الزرقاني: "وما ذكره ابن حجر عن ابن إسحاق انتقده الشامي1 وقال: بأن هذا ليس في رواية البكائي2، وإنما زاده ابن هشام عن بعض من يثق به، ولم يذكر أن العاشر قتل أبا عامر أصلاً بل قال رماه أخوان، والحافظ قلد القطب3 الحلبي دون مراجعة السيرة".
قال الزرقاني: "وفيه أن اتفاق مثل هذين الحافظين4 على نقله لا يتجه رده بما قال فإن رواة سيرة ابن هشام متعددون فهو قطعاً في رواية يونس الشيباني وإبراهيم بن سعد أو غيرهما عنه"5. إهـ.
وبعد ذكر أقوال علماء المغازي والسير في قاتل أبي عامر، وهل أسلم أولم يسلم؛ لا يخلو الأمر من إشكال وتعارض؛ لأن بعض الروايات تقول: القاتل أخوان، وبعضها تذكر أن القاتل عاشر الإخوة الذين هاجموا أبا عامر، وبعضها - كما في الصحيح - تقول: إنه جشمي أو رجل من بني جشم، والذي ينبغي اعتماده في القاتل أنه هذا الجشمي الثابت ذكره في الصحيح، وقد ذكر اسمه في كتب السيرة أنه سلمة بن دريد، وهو جشمي. والصحيح أن القاتل لم يسلم، لأن أبا موسى قد قتله كما ثبت في الصحيحين وغيرهما من كتب الحديث، ولا شك أنّ ترجيح وتقديم ما ثبت في الصحاح وغيرها من كتب الحديث على ما تذكره كتب السير والتاريخ هو المنهج الأقوم، خاصة، إذا كان ما في الصحاح نصاً في محل النزاع كما هنا، فلا يعارض بأقوال محذوفة الأسانيد في كتب السيرة، وبذلك يزول الإشكال ونخلص من تلك الانتقادات والمناقشات التي أثارها الشامي والزرقاني وغيرهما. والله أعلم.