ولذا فقد قال ابن حجر: والعذر لمن انهزم من غير المؤلفة أن العدو كانوا ضعفهم في العدد وأكثر من ذلك1.
وعند القسطلاني: "فاستقبلهم من هوازن ما لم يروا مثله قط من السواد والكثرة"2.
وعند الزرقاني: "إنهم كانوا أضعاف المسلمين".
ثم قال: "وما وقع في البيضاوي والبغوي ونحوهما أن ثقيفا وهوازن كانوا أربعة آلاف إن صح فلا ينافيه لأنهم انضم إليهم من العرب ما بلغوا به ذلك، فقد مر أنهم أقاموا حولا يجمعون لحربه عليه السلام لا أنهم باعتبار ما معهم من نساء ودواب يرون ضعفا وأضعاف المسلمين، وإن كانوا في نفس الأمر أربعة آلاف، لأن بعده لا يخفى؛ لأن فيه رد كلام الحفاظ الثقات الأثبات بلا دليل، فإن أربعة داخلة في الزائد فلا يصح رد الزائد إليها بهذا الحمل المتعسف الذي يأباه قول مالك بن عوف "تلقونه بعشرين ألف سيف". فإن البهائم لا سيوف معها3.
وهذه الجموع الهائلة جمعها مالك بن عوف في وادي أوطاس4، ثم أرسل عيونه إلى المسلمين ليعلم مدى قوتهم واستعدادهم لخوض المعركة.
49- قال ابن إسحاق: وحدثني أمية5 بن عبد الله بن عمرو بن عثمان أنه حدث: أن مالك بن عوف بعث عيونا من رجاله، فأتوه وقد تفرقت أوصالهم، فقال: ويلكم! فقالوا: رأينا رجالا بيضا على خيل بلق6 فو الله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى، فو الله مارده ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد7.