أما المذهب الثالث القائل بعدم الإنذار مطلقاً، فهو مذهب ضعيف ترفضه الأحاديث المتقدمة.
وقد صرح بضعفه المازري والقاضي عياض وغيرهما من العلماء. والراجح في هذه المسألة هو مذهب جماهير العلماء القائلين بالتفصيل بين من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام فتجب دعوته، وبين من بلغته الدعوة فلا تجب، وبه يمكن الجمع بين الأحاديث، ومتى أمكن الجمع فلا يصار إلى غيره، لأن العمل بجميع الأحاديث أولى من رد بعضها1.وقد وردت السنة بجواز الإغارة على من بلغته الدعوة إلى الإسلام، من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم:
1- كما هو في حديث عبد الله بن عمر وأنس بن مالك المتقدمين2.
2- ومن تقريره صلى الله عليه وسلم كما في حديث الصعب بن جثامة الليثي: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذراري من المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم فقال: "هم منهم" 3.
3- ومن قوله صلى الله عليه وسلم كما هو في حديث أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إليه فقال: "أغر على أبنى 4 صباحاً وحرق" 5.