قلت: وإن كان في ابن حميد من الكلام ما قد يؤدي إلى سقوطه عن درجة الاحتجاج1 فإنه توجد قرائن أخر تؤيد ما دل عليه هذا الحديث بغض النظر عن الاستدلال به. وهذه القرائن هي:

قول أسيد بن حضير في حديث الباب "ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر"2. فإنه صريح في أنها مسبوقة بغيرها من البركات، وأعظم بركة عرفت لعائشة هي نزول القرآن ببراءتها من مقالة أهل الإفك، ولا يمكن حمل قوله: "ما هي بأول بكتكم" على غزوة بني المصطلق، إذا كان يراد بالبركة السابقة نزول القرآن ببراءة عائشة من حادثة الإفك، لأن نزول القرآن ببراءتها كان في المدينة والقوم في "حضر" ونزول آية التيمم كان في سفر، والقوم محبوسون على غير ماء.

في حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: "أنها استعارت من أسماء قلادة، فهلكت، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فوجدها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله آية التيمم، فقال أسيد بن حضير لعائشة: "جزاك الله خيرا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه، إلا جعل الله ذلك لك، وللمسلمين فيه خيرا" لفظ البخاري3.

وفيه أيضا من هذا الوجه "فوالله ما نزل بك أمر قط، إلا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركة"4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015