وبهذا يتضح أن غزوة المريسيع وغزوة بني المصطلق شيء واحد، أحدهما تفسير للأخرى.

ثانياً: تصريحه في كلتا الغزوتين بأن جويرية بنت الحارث وقعت في الأسر، وتزويجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك.

وهذا شيء غير معقول، إذ كيف يتزوجها في السنة الخامسة ثم يعود إلى الرق ويتزوجها مرة ثانية في السنة السادسة.

ثالثاً: قوله: "غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بني المصطلق على ماء لهم قريب من الفرع"، هذا أيضا خطأ واضح.

لأن جميع من تكلم على هذه الغزوة قال: على ماء لهم قرب قديد، وبين قديد والفرع مسافة طويلة، لأن قديدا شمال مكة بـ 114 كيلومترا، في حين أن الفرع يقع جنوب المدينة المنورة بـ 150 كيلومترا1. وبهذا يتضح وهم ابن حبان رحمه الله.

وأما عمدة ابن عبد البر في أن التيمم شرع في هذه الغزوة فهو حديث الباب2 ووجه الدلالة منه قول عائشة فيه "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره"، ففسر السفر المذكور بأنه كان إلى غزوة بني المصطلق. وهذا نص كلامه:

بعد أن ساق حديث الباب3 قال عقبه: "قال أبو عمر: هذا الحديث عندي أصح حديث روي في التيمم. والسفر المذكور فيه كان في غزوة المريسيع، إلى بني المصطلق ابن خزاعة في سنة ست من الهجرة، وقيل: سنة خمس"4.

قلت: الذي يظهر: أن التيمم وإن كان سببه هو ضياع عقد عائشة، إلا أن ذلك كان في غزوة أخرى غير غزوة بني المصطلق، وإنما اشتبه على بعض العلماء فصرح بأن ذلك في غزوة بني المصطلق، وذلك لاتحاد السبب بين قصة الإفك ورخصة التيمم، إذ كل منهما كان سببه ضياع العقد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015