لا خلاف بين أهل العلم بالسير أن الذي بدأ بذكر الإفك وكان يجمع أهله ويحدثهم عبد الله بن أبي ابن سلول"1. وأورد عن ابن زيد أنه قال: "أما الذي تولى كبره منهم فعبد الله بن أبي ابن سلول الخبيث، هو الذي ابتدأ هذا الكلام، وقال: امرأة نبيكم باتت مع رجل حتى أصبحت ثم جاء يقود بها". وقال ابن القيم أثناء شرحه لقصة الإفك: "ولما قدم صفوان لعائشة، وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة ورأى ذلك الناس تكلم كل منهم بشاكلته وما يليق به، ووجد الخبيث عدو الله ابن أبي متنفسا فتنفس من كرب النفاق والحسد الذي بين ضلوعه فجعل يستحكي الإفك، ويستوشيه، ويشيعه ويذيعه، ويجمعه ويفرقه، وكان أصحابه يتقربون به إليه"2.
وقال ابن كثير تحت قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُم} الآية. فكان المقدم في هذه اللعنة عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين، فإنه كان يجمعه ويستوشيه حتى دخل ذلك في أذهان بعض المسلمين فتكلموا به، وجوزه آخرون منهم، وبقي الأمر كذلك قريبا من شهر حتى نزل القرآن إلى أن قال: " ... ثم الأكثرون على أن المراد بذلك إنما هو عبد الله بن أبي ابن سلول، قبحه الله تعالى ولعنه، وهو الذي تقدم النص عليه في الحديث". وقال ذلك مجاهد وغير واحد.
ثم قال: "وقيل المراد به حسان بن ثابت وهو قول غريب، ولولا أنه وقع في صحيح البخاري ما قد يدل على إيراد ذلك، لما كان لإيراده كبير فائدة، فإنه من الصحابة الذين لهم فضائل ومناقب ومآثر، وأحسن مآثره أنه كان يذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هاجهم 3 وجبريل معك" 4 انتهى.