لقد تحمل المسلمون صنوفاً من الأذى والتعب بسبب وعورة الطريق لكنهم نالوا جزاء ذلك - مغفرة الله تعالى - وهي غايتهم المنشودة، بل وغاية كل مسلم.
وبعد أن جازوا الثنية - وكان آخر الليل1 - هبطوا على الحديبية فلم يجدوا بها إلا ماء منقطعاً لم يقم شيئاً لعطشهم - وكانوا قد نزلوا في شدة الحر - فهرعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكون قلة الماء، وعندها ظهرت معجزة النبي صلى الله عليه وسلم التي أكرمه الله بها حيث استحالت تلك البئر - التي قد نضب ماؤها أو كاد - عيوناً متدفقة:
ففي حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم من طريق معمر: بعد أن ذكر الثنية وبروك ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ثم زجرها2 فوثبت، قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد3 قليل الماء يتبرضه4 الناس تبرضاً فلم يلبث الناس حتى نزحوه، وشكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش، فانتزع سهماً من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجش بالري حتى صدروا عنه" 5.
وفي حديثهما من طريق ابن إسحاق: "ثم قال للناس انزلوا فقالوا: يا رسول الله ما بالوادي ماء ينزل عليه الناس، فأخرج سهماً من كنانته، فأعطاه رجلاً من أصحابه فنزل قليب6 من تلك القلب، فغرزه في جوفه فجاش الماء بالرواء حتى ضرب الناس عنه بعطن7.8
وفي من حديث البراء رضي الله عنه: