أن يريه موضع الكلمة التي امتنع علي عن محوها إلا لكونه كان لا يحسن الكتابة، وعلى أن قوله بعد ذلك "فكتب" فيه حذف تقديره فمحاها فأعادها لعلي فكتب، وهو كثير كقوله: كتب إلى قيصر وكتب إلى كسرى.
وذكر ابن حجر جواباً ثانياً فقال: "وعلى تقدير حمله على ظاهره فلا يلزم من كتابة اسمه الشريف في ذلك اليوم وهو لا يحسن الكتابة أن يصير عالماً بالكتابة عن كونه أمياً، فإن كثيراً ممن لا يحسن الكتابة يعرف تصوير بعض الكلمات ويحسن وضعها بيده، وخصوصاً الأسماء، ولا يخرج بذلك عن كونه أمياً ككثير من الملوك"1.
وحكى عن السمناني وابن الجوزي جواباً آخر وهو: "أن تكون جرت يده بالكتابة حينئذ، وهو لا يحسنها فخرج المكتوب على وفق المراد فيكون معجزة أخرى في ذلك الوقت خاصة، ولا يخرج بذلك عن كونه أمياً"2.
وقد مال ابن خلدون إلى هذا حيث قال: "ولا يقع في ذهنك من أمر هذه الكتابة ريب، فإنها قد ثبتت في الصحيح وما يعترض في الوهم من أن كتابته قادحة في المعجزة، فهو باطل؛ لأن هذه الكتابة إذا وقعت من غير معرفة بأوضاع الحروف وقوانين الخط وأشكالها، بقيت الأمية على ما كانت عليه، وكانت هذه الكتابة خاصة من إحدى المعجزات"3.
وقد تعقب السهيلي هذا الجواب فقال: "وقد ظن بعض الناس أنه كتب بيده"، وفي البخاري: "أنه كتب بيده وهو لا يحسن يكتب" فتوهم أن الله قد أطلق يده بالكتابة في تلك الساعة خاصة، قال: وهي آية.
فيقال له: كانت تكون آية لولا أنها مناقضة لآية أخرى وهو كونه أمياً لا يكتب وبكونه أمياً في أمة أمية، قامت الحجة وأفحم الجاحد وانحسمت الشبهة، فكيف يطلق الله يده لتكون آية؟ وإنما الآية ألا يكتب والمعجزات يستحيل أن يدفع بعضها بعضاً، وإنما معنى كتب: أي: أمر أن يكتب4 اهـ.
وقد تعقب ابن حجر كلام السهيلي فقال: "وفي دعوى أن كتابة اسمه الشريف فقط على هذه الصورة تستلزم مناقضة المعجزة، وتثبت كونه غير أمي نظر كبير"5 اهـ.
قلت: ما قاله السهيلي وجيه لا نظر فيه، وكان يمكن أن يقال إن كتابة اسمه الشريف