...
المبحث الثالث: بيان كفر من اعتقد أن للكوكب تأثيراً في إيجاد المطر:
جاء في حديث زيد بن خالد: "وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذاك كافر بي مؤمن بالكوكب"1.
وقد حمل العلماء الكفر المذكور في الحديث على أحد نوعيه الاعتقادي أو كفر النعمة بحسب حال القائل.
فمن قال مطرنا بنوء كذا معتقداً أن للكوكب فاعلية وتأثيراً في إيجاد المطر، فهو كافر كفراً مخرجاً من الملة.
قال الشافعي: "من قال مطرنا بنوء كذا وكذا على ما كان أهل الجاهلية يعنون من إضافة المطر إلى أنه بنوء كذا، فذلك كفر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن النوء وقت، والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً، ومن قال مطرنا بنوء كذا على معنى مطرنا في وقت كذا فلا يكون كفراً وغيره من الكلام أحب إلي منه"2 اهـ.
فالشافعي يقصد هنا الكفر الاعتقادي.
أما من قال: مطرنا بنوء كذا، ويقصد أن النوء علامة للمطر فقط وأن المدبر هو الله، فهذا لا يكفر كفراً مخرجاً من الملة، كما قال الشافعي.
لكن قال ابن حجر: "يجوز إطلاق الكفر عليه، وإرادة كفر النعمة لأنه لم يقع في شيء من طرق الحديث بين الكفر والشرك واسطة، فيحمل الكفر فيه على المعنيين لتناول الأمرين، والله أعلم"3.
وكذلك قال ابن مفلح في الفروع: "إنه كفر نعمة لكن قال يحرم إطلاق هذا اللفظ4 أي "مطرنا بنوء كذا"، ووافقه على تحريم ذلك صاحب الإنصاف5 وكذلك قال بتحريم إطلاقه صاحب تيسير العزيز الحميد6، وصاحب فتح المجيد7، لكن قالا: إنه من الشرك الأصغر.