بحديث سرية خالد بن الوليد حين وجهه النبي صلى الله عليه وسلم إلى خثعم وفيهم ناس مسلمون فاعتصموا بالسجود فقتلهم خالد فوداهم النبي صلى الله عليه وسلم نصف الدية، وقال: "أنا بريء من مسلم بين مشركين"1.

وذهب الحنابلة2 وهو ظاهر كلام الشافعي3 إلى جواز هذا الشرط لقصة الحديبية.

وقال أصحاب الشافعي: لا يصح شرط رد المسلم إلا أن يكون له عشيرة تحميه وتمنعه4.

وحكى السهيلي عن العراقيين أنهم قالوا: "ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبمكة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما رد المسلمين إلى قريش إلا لقوله: "لا تدعوني قريش إلى خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أجبتهم إليها"، قالوا: وفي رد المسلم إلى مكة عمارة البيت وزيادة خير له في الصلاة بالمسجد الحرام، والطواف بالبيت، فكان هذا من تعظيم حرمات الله تعالى"5.

والتحقيق: جواز الصلح على رد الرجال، لأنه قد ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرد ما ينسخه أو يخصصه، والحديث الذي استدل به من قال بالنسخ لم يكن في محل النزاع، إنما هو في خصوص من أقام بين الكفار عن طواعية واختيار، أما الذي يرده الإمام فهو مكره على الرجوع إليهم.

وما ذكره أصحاب الشافعي من اشتراط الأهل والعشيرة لا دليل عليه، فرسول الله صلى الله عليه وسلم حين رد أبا جندل لم يقل له إن أباك سيمنعك بل قال له: "إن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً" وقال نحو ذلك لأبي بصير.

وكذلك دعوى تخصيص ما وقع في صلح الحديبية بمكة وبالنبي صلى الله عليه وسلم لا دليل عليها وما ذكر من مسوغات لا تكفي للتخصيص. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015