الحديبية أيضاً: منها حديث أبي هريرة عند مسلم1 أنها وقعت للمسلمين عند رجوعهم من خيبر، ومنها مرسل زيد بن أسلم عند مالك2 أنها وقعت لهم بطريق مكة.
ومنها مرسل عطاء بن يسار3 أنها كانت في غزوة تبوك.
وقد حاول بعض العلماء التوفيق بين هذه النصوص:
فذهب ابن عبد البر إلى أن القصة واحدة، وأن الصحيح وقوعها في غزوة خيبر. ثم حمل بعض النصوص عليها وضعف البعض الآخر، فبعد أن ذكر مرسل زيد بن أسلم قال: وقد جاء معناه متصلاً مسنداً من وجوه صحاح ثابتة في نومه صلى الله عليه وسلم عن صلاة الصبح في سفره، روى ذلك جماعة من الصحابة وأظنها قصة لم تعرض له إلا مرة واحدة فيما تدل عليه الآثار، والله أعلم.
إلا أن بعضها فيه: مرجعه من خيبر، كذا قال ابن شهاب عن سعيد بن المسيب في حديثه هذا، وهو أقوى ما يروى في ذلك، وهو الصحيح إن شاء الله، وقول زيد بن أسلم في حديثه هذا بطريق مكة ليس بمخالف لأن طريق خيبر وطريق مكة من المدينة يشبه أن يكون واحداً، وربما جعلته القوافل واحداً، وحديث زيد بن أسلم هذا مرسل، وليس مما يعارض ابن شهاب، وفي حديث ابن مسعود "من يوقظنا، فقلت: أنا أوقظكم" وليس في ذلك دليل على أنها غير قصة بلال لأنه لم يقل له: أيقظنا، ويحتمل أنه لا يجيبه إلى ذلك، ويأمر بلالاً، وقال ابن مسعود في هذا الحديث: زمن الحديبية - وهو زمن واحد في عام واحد لأنه منصرفه من الحديبية مضى إلى خيبر في عامه ففتحها الله عليه" 4 اهـ. هكذا قال ابن عبد البر - رحمه الله - وقد نقل ابن حجر رحمه الله بعض كلامه هذا - في محاولة الجمع - ثم قال: ولا يخفى ما فيه من تكلف ورواية عد الرزاق بتعيين غزوة تبوك ترد عليه5 ا. هـ