هنالك حتى مر بهم أبو العاص بن الربيع1، وكان تحته زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشام في نفر من قريش فأخذوهم وما معهم وأسروهم، ولم يقتلوا منهم أحداً لصهر أبي العاص رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو العاص يومئذ مشرك، وهو ابن أخت خديجة بنت خويلد لأمها وأبيها، وخلوا سبيل أبي العاص، فقدم المدينة على امرأته وهي بالمدينة عند أبيها، وكان أذن لها أبو العاص حين خرج إلى الشام أن تقدم المدينة فتكون مع رسول الله فكلمها أبو العاص في أصحابه الذين أسر أبو جندل وأبو بصير وما أخذوا لهم، فكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فخطب الناس فقال: إنا ناسبنا وصاهرنا أبا العاص، فنعم الصهر وجدناه، وإنه أقبل من الشام في أصحاب له من قريش فأخذهم أبو جندل وأبو بصير ولم يقتلوا منهم أحداً، وإن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتني أن أجيرهم، فهل أنتم مجيرون أبا العاص وأصحابه، فقال الناس: نعم، فلما بلغ أبا جندل وأصحابه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبي العاص وأصحابه الذين كانوا عندهم من الأسرى رد إليهم كل شيء أخذ منهم حتى العقال، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير يأمرهم أن يقدموا عليه، ويأمر من معهما ممن اتبعهما أن يرجعوا إلا بلادهم وأهليهم ولا يعترضوا لأحد من قريش وعيراتها، فقدم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم زعموا على أبي جندل وأبي بصير، وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده يقرأه فدفنه أبو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجداً2، وقدم أبو جندل على رسول