وأبو بكر رضي الله عنه خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد فقال: امصص بظر اللات أنحن ننكشف عنه؟ قال: من هذا يا محمد؟ قال: هذا ابن أبي قحافة، قال: أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها، ولكن هذه بها، ثم تناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديد قال يقرع يده، ثم قال: أمسك يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل والله لا تصل إليك، قال: ويحك ما أفظك1 وأغلظك2، قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من هذا يا محمد؟ قال: هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة، قال: أغدر هل غسلت سوأتك إلا بالأمس؟ قال: فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما كلم به أصحابه، فأخبره أنه لم يأت يريد حرباً، فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يتوضأ وضوءاً إلا ابتدروه، ولا يبسُق بساقاً إلا ابتدروه، ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه، فرجع إلى قريش فقال: يا معشر قريش إني جئت كسرى في مُلكه وجئت قيصر والنجاشي في ملكهما، والله ما رأيت ملكاً قط مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه لشيء فروا رأيكم"3.
وجاء خبر إرساله أيضاً في مرسل عروة بن الزبير من طريق ابنه هشام:
قال فيه: "ثم قالوا لعروة بن مسعود: انطلق إلى محمد صلى الله عليه وسلم ولا تونين4 من ورائك، فخرج عروة حتى أتاه" فذكر قوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجواب رسول الله صلى الله عليه وسلم له بنحو ما في حديث المسور ومروان، ثم قال: "فرجع عروة إلى قريش فقال: تعلمن والله ما على الأرض قوم أحب إلي منكم إنكم لإخواني وأحب الناس إلي، ولقد استنصرت لكم الناس في المجامع، فلما لم ينصروكم أتيتكم بأهلي حتى نزلت معكم إرادة أن أوسيكم والله ما أحب الحياة بعدكم تعلمن أن الرجل قد عرض نصفاً فاقبلوه، تعلمن إني قد قدمت على الملوك ورأيت العظماء فأقسم بالله أن رأيت ملكاً ولا عظيماً أعظم في أصحابه منه أن يتكلم رجل منهم حتى يستأذنه، فإن هو أذن له تكلم وإن لم