الله صلى الله عليه وسلم: أما الهاتف الذي سمعت سلفع شيطان الأصنام يوشك أن يقتله الله"1.
فهذه الرواية أشارت إلى كيفية وصول خبر خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى قريش لكن في سندها من هو متهم بالوضع، وقد تقدم الكلام عليها.
والحاصل أن خبر توجه المسلمين إلى مكة قد بلغ قريشاً فأخذت تعد العدة لصد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت. فقد روى الواقدي أن كفار قريش قد توافدوا وجمعوا الأموال يطعمون بها من ضوى إليهم من الأحابيش، فكان يطعم في أربعة أمكنة في دار الندوة لجماعتهم، وكان صفوان بن أمية يطعم في داره، وكان سهيل بن عمرو يطعم في داره، وكان عكرمة بن أبي جهل يطعم في داره، وكان حويطب بن عبد العزى يطعم في داره2 ا. هـ
قلت: هذا مصداق قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} 3.
وقد أشار إلى استعداد قريش وخروجها حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم فقد جاء فيه من طريق سفيان بن عيينة ما نصه: "وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بغدير الأشطاط، أتاه عينه قال: إن قريشاً قد جمعوا لك جموعاً وقد جمعوا لك الأحابيش، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ومانعوك"4.
وجاء في حديثهما أيضاً من طريق ابن إسحاق ما نصه: "وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي، فقال: يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجت معها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموا إلى كراع الغميم"5.
وقد ذكر الواقدي6 وابن سعد7 أن خالد بن الوليد كان في مائتي فارس.